ومن إنشاد الزبير لعبد الجبار أنشده محمد بن الحسن الزرقي، قال: أنشدني عبد الله بن شبيب، قال: أنشدني عبد الجبار لنفسه:
وذي إٍحنةٍ قد قُلتُ: أهلاً ومرحبا ... لهُ حين يلقاني فحيا ورحبَا
وأعطيته من ظاهري مسحةَ الرضا ... وقربته حتى دنا فتقربَا
فصلتُ به مُستمكنَ الكفِّ صولةً ... شفيتُ بها أضغانَ من كان مُغضبَا
ومن إنشاده له:
وعوراءَ قدْ أسمعتها فصممتها ... وأوطأتُها من غير عيٍّ بها نعْليِ
فلمْ يَنثِها ناثٍ وكانتْ كما مضى ... وجرت عليها العاصفاتُ سَفَى الرَّمْل
حدث أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المُساحقي قال: ولاني الحسنُ ابن زيد شرطته بالمدينة، فقال لي يوماً قولاً كان جوابه مني خلافَ ما أراد، فقال: واللهِ لهممتُ أن أفارقك فراقاً لا رجعةَ بعده، فقلت: أيها الأمير إذاً أقول. ويقال: الشعر لمسلم، وقوم يقولون للمساحقي:
وفارقتُ حتى ما أبالي من انتأى ... وإن بانَ جيرانٌ على كرامُ
فقد جعلتْ نفسي على النأي تنطوي ... وعيني على هجرِ الحبيبِ تنامُ
فوثب، فلم أشكك في التي تهددني بها، فما زالَ برا بي حتى فارقني. أخبرني أحمد بن زهير قال: أخبرنا الزبير قال: حدثني محمد بن الضحاك قال: رأت امرأةٌ من بني هلالِ بن عامرٍ ثم من بني قرة عبد الجبار حين سعى عليهم لبكار الزُبيري فأعجبها. فقالت:
لعمري لقد أودعتنا الحزنَ كُله ... عشيةَ رُدَّتْ للنجاءِ النجائبُ
فو اللهِ لا أنساك ما هبت الصبا ... وطول الليالي مادعا الله راغبُ
وواللهِ لا أنساكَ يا ابنَ مُساحقٍ ... وإن جُمعتْ فيكم على الحواجبُ
وواللهِ ما أحببتُ حبكَ والداً ... ولا ولداً لي فانظرنْ منْ تصاحبُ
أبو الجنوب وأبو السمط
ابنا مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة، شاعران رشيدان مجيدان. أنشد أبو هِفان لأبي الجنوب، يقول في بيعة الأمين:
للهِ دركِ يا عقيلةَ جعفر ... ماذا ولدتِ من الندى والسؤددِ
إن الخلافةَ قد تبينَ نورها ... للناظرين على جبينِ محمدِ
إني لأعلمُ إنه لخليفةٌ ... إنْ بيعةٌ عُقدتْ وإنْ لم تُعقدِ
قال: فحشتْ أمُّ جعفرٍ فاه جوهراً. واسم أبي الجنوب عبد الله، قال: ذكر ذلك أبو هِفان.
قال أبو هِفان: وذكر ابن إدريس بن سليمان بن يحيى أبي حفصة أن هذه الأبيات بن يحيى، بعض آل أبي حفصة قال: والحقُّ عندنا أنها لعبد الله لأن ذلك لم يكن يُحسن هذا الكلام أحمد بن أبي الطاهر قال: حدثني محمد بن علي بن طاهر، قال: بعث عبد الله بن طاهر وهو بالجزيرة إلى عبد الله بن مروان أبي حفصة وهو ببغداد بعشرين ألف درهم وكسوة، فقال، وحدثني بمثله أحمد بن يحيى عن محمد بن سلام عن أبي الغراف، فقال السمط بن مروان:
ونعمَ الفتى والبيدُ بيني وبينه ... بعشرين ألفاً صبحتني رسائلهْ
فكنا كحي صبح الغيثُ أهلهُ ... ولم تنتجعْ أظعانُه وحمائلُهْ
أتى جودَ عبد اللهِ حتى كفتْ به ... رواحلنا سيرَ الفلاةِ رواحلهْ
أحمد بن يحيى قال: حدثنا ابن سلام قال: قال أبو الغراف: سرق هذا المعنى من نهشل بن حري حيث يقول، وأخبر ابن أبي طاهر عن أبي محلم قال: بعث كثير بن الصلت الكندي. وهو قاضي عثمان على المدينة. إلى نهشل بن حري وهو بالبصرة بكسوة ومال، فكتب إليه نهشل:
جزى الله خيراً والجزاءُ بكفه ... بني الصلتِ إخوانَ السماحةِ والمجْدِ
أتاني وأهلي بالعراقِ نداهمُ ... كما انقض سيلٌ من تهامة أو نجْد
فما يتغير من بلادٍ وأهلها ... فما غيرَ الإسلامُ مجدكم بعدي
قال دعبل: كل من قال الشعر من آل أبي حفصة بعد مروان وإخوته وولده وولد ولده فمتكلف، وقد جهدنا أن نجد لهم بيتاً نادراً فلم نجده.
محمد بن أمية بن أبي أمية
الكاتب البصري، شاعر مجيد، رقيق الشعر، ابن شاعر. ومن قوله: