اللغة أو بعض وجوه الاستعمال فيها، كان ذلك عيبًا لاحقا بعلمه أو بحافظته، لا ببيانه وفصاحته، ومتى صدر القائل في قوله عن سجية وطبع أصبح شأنه شبيهًا بشأن العرب الأولين، وكان من شأنهم أن يسبقهم إلى كلامهم الخطأ اللفظي في بعض الأحيان، وكان السبب في ذلك كما يقول أبو علي الفارسي: أنهم كانت تهجم بهم طباعهم على ما ينطقون به، فربما استهواهم الشيء، فزاغوا به عن القصد من حيث لا يشعرون، وكما أن الجسم لا يغير صورته، ولا يقلب سحنته أن تطير منه ذرة، وتحل أخرى محلها لتمثلها كذلك لا يغير صورة الكلام، ولا يذهب بنسقه خروج أصيل، أو دخول دخيل، ولقد قيل لأحد الكتاب الإنكليز نراك كثير الإعجاب بالكاتب "كبلنغ" وهو رجل لحانة لا يحفل بقواعد اللغة، فأجاب أن سطرًا واحدًا مما يكتبه "كبلنغ" أثمن عندي من قوانين اللغة جميعها، وليس من الرأي أن أحرم نفسي التمتع بأدبه إكراما لسواد عيون الغراماطيق[1] الإنكليزي، وفضل الأدباء على اللغة في سيرورتها وذيوعها وتداولها وخلودها أكبر من فضل اللغويين عليها في ذلك؛ لأنهم هم الذين يمهدون سبلها، ويعبدون[2] طرقها، ويستدنون نافرها، ويجمعون شاردها، [1] الغراماطيق: النحو. [2] يعبدون: يذللون ويمهدون.