النبوغ:
من العجز أن يزدري المرء نفسه فلا يقيم لها وزنا، وأن ينظر إلى من هو فوقه من الناس نظر الحيوان الأعجم إلى الحيوان الناطق، وعندي أن من يخطئ في تقدير قيمته مستعليا، خير ممن يخطئ في تقديرها متدليا، فإن الرجل إذا صغرت نفسه في عين نفسه يأبى لها من أحواله وأطواره إلا ما يشاكل منزلتها عنده، فتراه صغيرا في علمه، صغيرا في أدبه، صغيرا في مروءته وهمته، صغيرا في ميوله وأهوائه، صغيرا في جميع شئونه وأعماله، فإن عظمت نفسه عظم في جانبها كل ما كان صغيرا في جانب النفس الصغيرة.
ولقد سأل أحد الأئمة العظماء ولده وكان نجيبا, أي غاية تطلب في حياتك يا بني، وأي رجل من عظماء الرجال تحب أن تكونه؟ فأجابه: أحب أن أكون مثلك، فقال: ويحك يا بني لقد صغرت نفسك، وسقطت همتك، فلتبك على عقلك البواكي، لقد قدرت لنفسي يا بني في مبدأ نشأتي أن أكون كعلي بن أبي طالب