تعالى بكتاب كريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أما ما نقرؤه أحيانا لبعض علماء الغرب المسيحيين من وصف الدين الإسلامي بصفات جميلة أو مدح آرائه وأحكامه فهي مكتبوة بأقلام أقوام مؤرخين أدوا للتاريخ حق الأمانة والصدق فلم يعبث التعصب الديني بكتاباتهم، ولا تمشت الروح المسيحية في أقلامهم، ولا ريب في أن اللورد كرومر ليس واحد منهم، فإن من قرأ كتابه "مصر الحديثة" تخيل أنه يسمع صوت راهب في صومعته قد لبس قلنسوته ومسوحه وعلق صليبه في زناره.
فهل يحق بعد ذلك لأحد من المسلمين أن يندهش أو يذهب به العجب كل مذهب إذا رأى في كتاب اللورد كرومر ما يراه كل يوم في كتب المبشرين الإنجيليين وجرائدهم ومجلاتهم من الطعن على الإسلام وعقائده وشرائعه.
بلغ التعصب الديني بجماعة المبشرين أن حكموا بوجود اللحن في القرآن بعد اعترافهم بأنه كتاب عربي, نطق به على حسب معتقدهم رجل هو في نظرهم أفصح العرب، وليست مسألة الإعراب واللحن مسألة عقلية يكون للبحث العقلي فيه مجال، وإنما الإعراب ما نطق به العرب واللحن ما لم ينطقوا به، فلو أنهم اصطلحوا على نصب الفاعل ورفع المفعول مثلا لكان رفع الأول