حياته الشرف الاعتباري، فليس كل ما يعتبره الناس شرفا هو في الحقيقة كذلك.
ألا تراهم يعدون أشرف الشرف أن يتناول الرجل من الملك قطعة من الفضة أو الذهب يحلي بها صدره، وربما كانوا يعلمون أنه ابتاعها بماله كما تبتاع المرأة من الصائغ حليتها.
لا شرف إلا الشرف الحقيقي وهو الذي يناله الانسان ببذل حياته أو ماله أو راحته في خدمة المجتمع البشري جميعه أو خدمة نوع من أنواعه.
فالعالم شريف؛ لأنه يجلو صدأ العقل الإنساني ويصقل مرآته، والمجاهد في سبيل الدفاع عن وطنه شريف؛ لأنه يحمي مواطنيه غائلة الأعداء، ويقيهم عادية الفناء، والمحسن الذي يضع الإحسان في موضعه شريف؛ لأنه يأخذ بأيدي الضعفاء، ويحيي أنفس البؤساء، والحاكم العادل شريف؛ لأنه رسول العناية الإلهية إلى المظلومين يمنعهم أن يبغي عليهم الظالمون، وصاحب الأخلاق الكريمة شريف؛ لأنه يؤثر بكرم أخلاقه وجمال صفاته في عشرائه وخلطائه، ويلقي عليهم بالقدوة الصالحة أفضل درس في الأخلاق والآداب، والصانع والزارع والتاجر أشراف متى كانوا أمناء مستقيمين؛ لأنهم هم الذيني يحملون على عواتقهم هذا