وأن للذهب رنينا تخفت بجانب صوته أصوات المعترضين والناقدين شيئا فشيئا ثم تنقطع حتى لا يسمع بجانبه صوت سواه
هكذا يتصور الأدنياء أنهم شرفاء، وهكذا يطلبون الشرف ويخطئون مكانه، وما أفسد عليهم تصورهم إلا الذين أحاطوا بهم من سجرائهم وخلطائهم وذوي جامعتهم، أولئك الذين يحتقرون الموتور حتى يغسل الدم بالدم فيعظمونه، وينعون على الرجل المستقيم العفيف بلاهته وخموله حتى يفجر ويستهتر فيبخبخون له ويقرظونه، ويكرمون صاحب الذهب, ولو أن كل دينار من دنانيره محجم من الدم، وأولئك الذين يسمون الفقير سافلا، وطيب القلب مغفلا، وطاهر السريرة بليدا، والحليم عاجزا.
لا تعجب إن سمعت أن جماعة الأغنياء الجهلاء تنعكس في أدمغتهم صور الحقائق حتى تلبس في نظرهم ثوبا غير ثوبها، وتتراءى في لون غير لونها، فإن بين الخاصة الذين نعتد بعقولهم ونمتدح أفهامهم ومداركهم من لا يفرق بين الرذيلة والفضيلة، حتى إنه ليكاد يفخر بالأولى ويستحيي من الأخرى.
لولا فساد التصور ما افتخر قائد الجيش بأنه قتل مائة ألف من النفوس البشرية في حرب لا يدافع فيها عن فضيلة, ولا يؤيد بها حقا من الحقوق الشرعية، ولولا فساد التصور ما وضع المؤرخون