عبرة الدهر:
بنى فلان في روضة من رياض بساتينه الزاهرة قصرًا فخمًا يتلألأ في تلك البقعة الخضراء، تلألؤ الكوكب المنير في البقعة الزرقاء، ويطاول بشرفاته الشماء، أفلاك السماء، كأنه نسر محلق في الفضاء، أو قرط معلق في أذن الجوزاء، وكأن شرفاته آذان تفضي إليها النجوم بالأسرار، وطاقاته أبراج تنتقل فيها الشموس والأقمار.
شاده مرمرا وجلله كلسا[1] ... فللطير في ذراه وكور
ولم يدع ريشه لمصور ولا ليقة[2] لرسام إلا أجراها في سقوفه وجدرانه، وطاقاته وأركانه، حتى ليخيل إلى السالك بين أبهائه[3] وحجراته، ومحاربيه وعرصاته[4]، أنه ينتقل من روضة تزهر بالورود الحمراء، والأنوار البيضاء، إلى بادية تسنح [1] الكلس الصاروج يبنى به. [2] ليقة الدواة صوفتها ويتخذها الرسام أيضا لجمع أخلاطه فيها. [3] الأبهاء جمع بهو، وهو البيت المقدم أمام البيوت. [4] المحراب هنا صدر البيت، والعرصات جمع عرصة وهي ساحة الدار.