أحد حجة إلا بعد ظهوره وبلوغ دعوته، فقلت لا نكران، ولكن كيف لم يَقعد بك فِسْقك وشرابك وأين استهتارك في قولك:
بكرَ العاذلون في وضحِ الصب ... ح يقولون لي أما تستفيق
ودعوا بالصبوح فجرًا فجاءت ... قيْنة في يمينها أبريق
قال غفر الله لنا ما غفر لكم، قلت هل لك علم بجماعة الشعراء والرواة فقد تمنيت على الله أن أراهم، فكنت عنوان الكتاب وفاتحة الإجابة، فقال: اصحبني فطارت بنا الخيلُ، فقلت له هل آمن ألا يقذف بي هذا السابح على صخرة من الزمرد أو هضبة من الياقوت، فيكسر لي عضدًا أو ساقًا أو جمجُمة، فتبسم وقال أين يُذْهَبُ بك نحن في دار الخلود والبقاء.
مررنا بروضة من رياض الجنة يخترقها غدير خمري على شاطئه جمع كثير على سُرر متقابلين، أو على الأرائك متكئين، فهوَى صاحبي بفرسه فهويت هويَّة، وقلنا سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، فرحبوا بنا، وهشوا للقائنا وانتسبنا فتعارفنا، ثم أخذوا فيما كانوا فيه فإذا الأصمعي ينشد مروياته وأبو عبيدة يسرد وقائع الحروب ومقاتل الفرسان، وإذا سيبويه والكسائي متصافيان بعد أن وقع بينهما في مجلس البرامكة ما وقع وأحمد