نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 183
ومن شروط الصلاة في الإسلام الاتجاه إلى (القبلة) وهي أيضاً عادة مستعارة من قدماء النصارى الذين كانوا يتجهون في صلاتهم إلى الشرق إذ يتخذون الشمس الشارقة رمزاً عن السيد المسيح المعروف بشمس العدل والموصوف بالشرق، قال صرمة ابن انس قبل الإسلام (كتاب البدء 1: 76) يصف صلاة النصارى إلى مطلع الشمس:
وله شمَّس النصارى وقاموا ... كلَّ عيدٍ لهم وكلَّ احتفالٍ
فاتخذ محمد على مثالهم قبلة للصلاة كانت أولاً أورشليم ثم حولها إلى الكعبة في مكة.
وفي الصلاة الإسلامية (القيام والسجود والركوع ورفع الأيدي) وكل ذلك سبق إليه النصارى ووصفه شعراء العرب، وقد وصف البعيث رهبان النصارى عند وقوفهم في الصلاة (أطلب الصفحة 177 من الجزء السابق) : رجالٌ يتلُّون الصلاةَ قيامُ وقال المضرّس الأسدي في سجودهم:
وسخال ساجيةِ العيونِ خوادلٍ ... بجماد لينةَ كالنصارى السُّجَّدِ
وقال النابغة الذيباني في الراهب الراكع (تاج العروس 5: 363) :
سيبلغُ عذراً أو نجاحاً من امرئٍ ... إلى رّبهِ ربّ البرَّيةِ راكعِ
وقال أخرفي رفع أكفهم في الصلاة: فذا فضلُ أيدي المستغيث المسيّحِ وإذا تلا المسلمون القرآن لحنوا فيه (بالتجويد) ولعلهم أخذوه عن تلحين الرهبان بالزبور والتسابيح قال ابن قتيبة في المعارف (ص180) : كان أول من قرأ بالألحان عبيد الله بن أبي بكرة وكانت قراءته حزناً ليست على شيء من ألحان الغناء ولا الحداء فورث ذلك عنه ابن أبنه عبد الله بن عمر عبيد الله فهو الذي يقال له قراءة ابن عمر وأخذ ذلك عنه الأباضي واخذ سعيد العلاف وأخوه عن الأباضي قراءة ابن عمر وكان هرون الرشيد معجباً بقراءة سعيد العلاف.. وكان القراء كلهم الهيثم وابن أعين وغيرهم يدخلون في القراءة من ألحان الغناء والحداء والرهبانية فمنهم من كان يدس الشيء من ذلك دساً رفيقاً ومنهم من كان يجهر بذلك".
فلا مراء أن القراءة المحزنة والحان الرهبانية تدل هنا صريحاً إلى نفوذ الغناء الرهباني في التجويد.
ويجوز أن نضيف إلى هذا الباب (السبحة) التي يدعوها النصارى المسبحة يتلون عليها صلوات معلومة اختلفت مع الأزمنة وقد وجد منها في مقابر سياح الأقباط في الصعيد وهي قديمة في الإسلام لورود ذكرها في كتاب العين للخليل قال: "السبحة خرزات يسبح بعددها" وجاء في مجلة المنار المصرية لمنشئها محمد رشيد رضا (15: 823) فصل في السبحة واصلها في الإسلام قال: "كنا نرى هذه السبح في أيدي القسين من النصارى والرهبان والراهبات ونسمع أنها مأخوذة عن البراهمة.. والظاهر أن المسلمين أخذوها أولاً عن النصارى فكانوا في مهد الإسلام عند ظهوره في جزيرة العرب وفي البلاد المجاورة لها كالشام ومصر فلا بد أن يكونوا قد أخذوا السبحة عنهم فيما أخذوه من اللباس والعادات، والأمر في السبحة ينبغي أن يكون أشد من أخذ غيرها عنهم لأنها تدخل في العبادة وتعد شعاراً.. فالسبحة من البدع الداخلة في العيادة (كذا) ".
(الصوم) أحد أركان الإسلام لم يعرفه المشركون من العرب في الجاهلية وإنما كان المنتصرون منهم يقومون به على مقتضى نواميسهم ولعلهم كانوا يصومونه في رجب وهو وقتئذ من أشهرهم الثابتة يوافق شهرنا نيسان قال المقريزي في الخطط (1: 282) : "رجب شهر حرام ويقولون له الأصم لأنهم يكفون فيه عن القتال فلا يسمع فيه صوت سلاح.. ورجب الصم هو شهر مضر وكانت العرب تصومه في الجاهلية وكانت تمتاز به وتميز أهلها وكان يأمن بعضهم بعضاً فيه ويخرجون إلى الأسفار ولا يخافون".
قال أمية ابن أبي الصلت يذكر جزاء الصائمين في دار النعيم:
إذا بلغوا التي اجروا إليها ... تقلبهم وحلّل من يصومُ
وكان أخص أصوامهم صوم الفصح قال نمر بن تولب: صدَّت كما صدَّ عماً لا يحلُّ لهُ=ساقي نصارى قبيل الفصح صوَّامُ
نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 183