responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المقال وتطوره في الأدب المعاصر نویسنده : السيد مرسي أبو ذكري    جلد : 1  صفحه : 66
والحديث. ومن ثم حلت كلمة "الثقافة" التي أصبحت تحيط بكل ما يتصل بالنشاط الفكري في العصر الحديث محل كلمة "معرفة" ذات المفاهيم الواسعة في الأجيال القديمة.
وأدى تعدد الصحف الأحزاب إلى ظهور "الهجاء السياسي" وهو لون جديد من أدب المقاقل يصور الحياة تصويرا صحيحا، فاتسعت دائرة المقال وأصبحت أدبية واجتماعية ونقدية. وحملت الصحف دعوات المفكرين لتنشيط الثقافة الأدبية واللغوية مثل: دعوة أحمد لطفي السيد للتقريب بين الفصحى والعامية، التي ترتب عليها تيسير أسلوب الكتابة على الجماهير، ورواج الأدب وتخلصه من الذاتية إلى الموضوعية. واهتمت صحيفة السياسية اليومية بالعديد من النظريات الأدبية، وحرص ناقدها الأدبي طه حسين على تمحيصها بالنقد والإرشاد والتوجيه، كما بسط محمد حسين هيكل على صفحات السياسة الأسبوعية دعوته إلى الأدب القومي الذي يعتمد على التاريخ المصري وطبيعة وادي النيل.
وكشفت مجلة "أبوللو" عن مواهب أدبية مطمورة، تربعت على أريكة الشعر والنقد المعاصر. وحرصت مجلة "الرسالة" على الدراسة الأدبية والنقدية وإحياء اللغة، فأسهمت بقسط وافر في نهضة الأدب الحديث، وتبعتها مجلة "الثقافة" ذات الطابع العربي الرصين، ثم كانت مجلة "الكاتب المصري" التي مال كتابها إلى الانطلاق والتحرر.
أضف إلى هذا كله أن الصحف كانت معرضا للمساجلات الأدبية بين قادة الفكر وأعلام الكتاب كالرافعي والعقاد وطه حسين وزكي مبارك وغيرهم مما غذى الفكر الحديث ببحوث وآراء ونظريات واتجاهات كانت بداية لمرحلة تحول في الحياة الثقافية والفكرية معا.
وهكذا لعبت الصحف وأدى الكتاب دورا كبيرا وفعال في رقي الأسلوب، واتجهت الصحف به نحو الكمال، وأنعشت الفكر، وارتفعت بالعقلية العربية عامة، والمصرية بصورة خاصة، وفتحت آفاقا جديدة في التصوير والتعبير أمام الكتاب والمفكرين، فنهض المقال وتطور، وأصبح أكثر رواجا من فنون الأدب الأخرى.

الفصل الثالث: تنوع المقال
مدخل
...
إتقانه والتبرير فيه، واقتران الموهبة بالممارسة والتجربة، فتلتقي حينئذ في كاتب المقال الصفات العقلية بالمزايا الشخصية؛ لأنه -أي مقال- تعبيرا عن وجهة نظر خاصة"[1].
تلك أهم تعاريف نقاد الغرب والعرب للمقال التي تحدد عناصره، وتوضح أفكاره، وتكشف عن سماته.
وفي الإمكان ان نستخلص
من التعاريف السابقة للمقال بأنه "نمط من التعبير الحر المصور لأحداث الحياة، وصور المجتمع، نتعرف به على ملامح كل جديد، وخصائص كل مبتكر، وسمات كل مستحدث من سياسة وأدب واجتماع ونقد وعلم في أقرب وقت، وبأقل جهد".
ومن ثم يكون المقال فنا نثريا، يقف بجانب القصة والأقصوصة والمسرحية والرسالة والخطية، ونظرا لأن الفنون الأدبية لا تنحصر في نطاق محدد، فقد أخذ المقال من السيرة والقصص رسم الشخصيات، ومن المسرحية الحوار، ومن القصيدة النفس الشعري.
العناصر التي يقوم المقال عليها:
يقوم المقال الفني على عناصر تكوِّن إطاره وهيكله العام وهي:
أولا: المادة:
هي المعارف والأفكار والآراء، وخلجات النفس والعواطف والوجدانيات، والتجارب المستفادة من البيئة أو النابعة من داخل النفس، والمعلومات المختلفة والحقائق المتعددة التي تزخر الحياة بها، وما خلقته الأجيال وسجله الجيل المعاصر في مختلف النواحي السياسية والعلمية والفلسفية.
يبعث هذا كله في نفس الأديب الانتباه، وينشأ عن طريق عقله وقلبه تيار متدفق من الصور الذهنية، التي تسترعي النفوس، وتلفت الأنظار.

[1] راجع: دراسات في الأدب العربي الحديث ومذاهبه للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي.
نام کتاب : المقال وتطوره في الأدب المعاصر نویسنده : السيد مرسي أبو ذكري    جلد : 1  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست