responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المقال وتطوره في الأدب المعاصر نویسنده : السيد مرسي أبو ذكري    جلد : 1  صفحه : 52
واحد؟! يعملون أفرادا إذا لم يتفقوا على العمل جماعات للتسلح، للمزاحمة المالية والمعارك التجارية، كل عمل في هذا السبيل نافع، قليله وكثيره. ينفع ذلك تأليف النقابات الزراعية، ينفع لذلك إنشاء بنك زراعي أهلي "بمعنى الكلمة" ينفع في ذلك أن كل امرئ منا ساعدته الظروف، فصار عنده مال احتياطي "وهذا الصنف عند غير قليل" أن يشتري بماله الاحتياطي سهما من أسهم الدين المصري ... ينفع في هذا السبيل أن تعضد المحاصيل المصرية بأن نشتريها تفضيلا لها على سواها".
أما الشيخ علي يوسف، فقد كان يمثل عقل الأمة، يحلل في مقالاته كل فكرة، ويقرع الحجة بالأخرى، ويردد على المستر "روزفلت" حين قدم مصر وأيد الاستعمار فيقول: "قد كلف المستر روزفلت نفسه أن يحفظ مثلا عربيا وهو "إن الله مع الصابرين إذا صبروا"[1] لينطق بها عربية، ظانا أنه بعد ذلك ينسى له أن يصب الرصاص ذائبا في أدمغة المصريين فيجمد، ولكنه لم يكد ينطق بها حتى ضحك السامعون، وأنا في جملتهم، مصر محتلة بدولة أجنبية يعرف الكولونيل روزفلت أنها قائمة على شئونها قيام الوصي على قاصر غني، فلا الوصي يريد أن يرفع يده عن ذلك القاصر وكل ما يملك، ولا القاصر يستطيع أن يدرك منزلة الرشيد، ما دام الوصي يمنعه من الوصول إليها بمقتضى مصلحته الخصوصية، ألم يكن الأجدر بالكولونيل روزفلت وهو ينصح المصريين أن يصبروا إلى عدة أجيال ليكون الله معهم، أن يوجه لأبناء عمومته المحتلين نصيحة توجه إلى الوصي القوي الطماع، فإذا قيل: إن الخطيب تحاشى ذلك حتى لا يجعل مركز المحتلين حرجا أمام الوطنيين، فكيف سوغ لنفسه وهو يمثل أعظم أمة حرة، أن يجعل مركز الوطنيين حرجا أمام المحتلين".
وبجانب هذه المقالات وغيرها كانت المقالات الاجتماعية لمصطفى لطفي المنفلوطي، مما أدى إلى تطور موضوع المقال، وانطلاق أسلوبه حرا، يعبر عن حاجات المجتمع في سهولة ويسر، ودنا الكتاب من أذواق الناس وعقول المواطنين، وبعد المقال عن الألفاظ الغربية، وحمل من المعنى والبساطة قدر ما كان يحمل من زينة وزخرفة في الماضي.
ومن ثم بلغ المقال قمته في هذا الطور، وأصبح فنا مستقلا يغزو الحياة والمجتمع، وتحرر من وشي الكلفة، وبها رج الصنعة، وخاض معترك الحياة من جميع وجوهها الاجتماعية والسياسية والقومية والفكرية، وبدا هذا واضحا وجليا في نظرات وعبرات المنفلوطي، مع قدرة في التصوير، وبراعة في التحليل، وصحة في العبارة، وسلامة في الأداء.

[1] الصواب أن يقال: "آية قرآنية" هي: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} بدون قوله: "إذا صبروا" فليست من الآية.
نام کتاب : المقال وتطوره في الأدب المعاصر نویسنده : السيد مرسي أبو ذكري    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست