أنا المعافر بن يعفر بن مر ... ولست من ذي يمنٍ بَقُرْ
لكنَّني مضريُّ حُرْ يقول: لست منهم ذا أصل، يقول: أنا يماني الدار.
وأنشد لطرفة:
فتناهيتُ وقد صابت بِقُرْ
فوجد في زمن سليمان بن داود، فكشف عنه، فوجد فيها " في الحفيرة " ووجد عبده الكتاب.
وقالوا: خرج رجل من قريش قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فركب البحر، فانكسرت سفينته، فوقع قي جزيرة في أرض لا يرى بها أنيسا، فبينا هو يط وف في تلك الجزيره إذا هو بشيخ كبير مجتمع العلم، فقال: من أنت؟ قلت: رجل من العرب.
قال: من أيّ العرب؟ قلت: رجل من قريش.
قال: بأبي وأمي قريش، وأين مساكنها اليوم؟ قلت: بمكة.
قال: فهل خرج محمد بعد؟ قلت: وما خروج محمد؟ قال: فقص علىّ كيف يكون خروجه، وأخبرني أنه نبي، وأنه سيخرج، فإذا خرج فأتّبعه وقص أمره، ثم قال لي: أعالم أنت بمكة؟ قلت: نعم.
قال: فهل تعرف مكانا يقال له " المطابخ "؟ قلت: نعم.
قال: أفتدري لم سُمِّىَ المطابخ؟ قلت: لا.
فقال: إن جيشين منا تواعدوا للقتال، فنزل أحدهما شرقي الجبل، ونزل الآخر غربيه، فنحرنا فيه الجُزُر من جانبيه جميعا، فسميَ بنا المطابخ.
ثم قال: هل تعرف مكانا بمكة يقال له " القعيقعان "؟ قلت: نعم.
قال: فهل تدري لم سمىَّ قيقعان؟ قلت: لا قال: فإنت لما خرجنا من المطابخ للقتال، فاجتمعنا بذلك الجبل، فاقتتلنا فيه، وقعقعوا السلاح، سميناه قعيقعان.
ثم قال: هل تعرف فيها بقعة يقال لها " فاضِحُ " قلت: أجل، نعم.
قال: فهل تدري لم سمى فاضحا؟ قلت لا.
قال: فإننا تناجزنا، فاقتتلنا قتالا فضح بعضنا بعضا، فسميناه فاضحا.
ثم قال: هل تعرف فيها موضعا يقال له " أَجياد "؟ قال: قلت، نعم.
قال: فهل تدري لم سمى أجيادا؟ قلت: لا.
قال: فإنا لما أتيناه على جريدة خيل، فاقتلعت فيه الخيل، ليست فيها رجّالة، سمى أَجيادا لجياد الخيل.
ثم انصرف عني إلى الروضة.
فقلت: يا عبد الله، سألتني فأخبرتك، فأخبرني، من أنت؟ فألتفت إلي، فقال مجيبا:
كأَن لم يكن بين الحجون إلى الصَّفا ... أَنيس، ولم يسمُر بمكَّة سامرِ
بلى، نحن كنَّا أَهلَها، فأَزالنا ... صروف الَّليالي والجدود العواثُرِ
فظننا أنه الحارث بن مضاض الجرهمي، مدّ له عمره إلى ذلك اليوم؛ وبعضهم يقول، شيخ من جرهم.
قالوا: وكان من أطول من كان قبل الإسلام عمرا رُبَيع بن ضبيع بن وَهْب ابن بغيض بن مالك بن سعد بن عدىّ، ابن فزارة، عاش أربعين وثلاثمائة سنة، ولم يُسلِم.
وقال لما بلغ مائتي سنة وأربعين سنة:
أصبح منيِّ الشَّبابُ قد حَسَرَا ... إِن ينأَ عنيَّ فقد ثوى عُصُرا
ودعَّنا قبل أَن نودَّعه ... لمَّا قضى من جماعنا وطرا
ها أَنذا قبل آملُ الخلود وقد ... أَدرك عقلي ومولدي حُجُرا
أَبا مِرىِْ القيس هل سمعت به ... هيهات طال ذا عُمُرا
أَصبحت لا أَحمل السلاح ولا ... أَملك البعير إِن نَفَرَا
والذئب أَخشاه إِن مررت به ... وحدي وأَخشى الرياح والمطرا
من بعد ما قوة أُسرُّ بها ... أَصبحت شيخا أُألج الكبرا
وقال لما بلغ مائتي سنة:
أَلا أَبلغ بنىّ بنى ربيع ... فأَشرار البنين لكم فداء
فإِني قد كبرت ودق عظمي ... فلا تشغلكم عنِّى لبنساءُ
وإنَّ كنائنى لنساء صدق ... وما آلى بنىَّ وما أَساءوا
ويروى: وما أَلى، والتألية، التقصير: ومن قال، وما آلى، فالمعنى، ما أقسموا ألا يبروني.
حدثنا أبو حاتم قال، حدثنا أبو الأسود النوجشجاني، عن العمرى، عن أبى عمرو الشيباني قال، سألني القاسم بن معد عن قوله: ما آلى بنيّ وما أَسأَءوا.
قلت: أَبطئوا.
قال: ما تركت في المسألة شيئا.
ورجع إلى بقية الشعر:
إِذا كان الشتاء فادفنوني ... فإنّ الشَّيخَ يهدمُهُ الشتاءُ
فأَما حين يذهب كُّلُّ قُرٍ ... فسربالٌ خفيف أَو رداءُ
إِذا عاش الفتى مائتين عاما ... فقد أَودى المسرَّةُ والفتاءُ