responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستطرف نویسنده : الأبشيهي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 196
يكن في بيته شيء موجود، وليت شعري إذا كان لا يأكل فلأي شيء حضر.
ومنهم من يرى صاحب البيت قد أسرّ إلى صديقه شيئا، فيقول: ما الذي قال المولى لصاحبنا، وهو لا يريد أن يعلمه، ومنهم من يستعجل صاحب المنزل بالأكل ويشكو الجوع ويظن أن ذلك بسط مكارم أخلاق، وإنما ذلك يكون في بيته لا في بيوت الناس.
ومنهم من يقول لصاحب الدعوة: من يغني لنا، فيقول فلان، فيقول له: غلطت لم لا دعوت فلانا.
ومنهم من يسأل صاحب البيت، كيف قوته في النكاح، فيقول له: أنا رجل كبير قد ضعفت قوتي وشهوتي، أو يقول ما لي قوة طائلة في ذلك، فيقول: أنا والله كلما مر عليّ عام تزايدت شهوتي وكثر لهذا الفن تشوّفي «1» ، ويعلن بذلك حتى تسمعه صاحبة البيت.
ومنهم من يشكو حاله مع أهل بيته ويذكر نفقته عليهن وكسوته لهن وكثرة إنعامه وإحسانه إليهن، وما عليه زوجته من سوء الأخلاق وكبر النفس، لتستقل زوجة صاحب البيت ما هي فيه مع زوجها، وربما كان ذلك سببا لفراقها منه.
ومنهم من تعجبه نفسه ويستحسن لباسه، ويستطيب رائحته، وإذا سمع الغناء تواجد، وأظهر الطرب، وحرك رأسه، ويقوم قائما يتمايل حتى يرى أهل الرجل أنه لطيف الشكل بديع الحركات، ويظن في نفسه أنه يعشق وأن رسول صاحبة البيت لا يبطىء عنه.
ومنهم من يقال له: إلعب الشطرنج، فيأباه ويشتغل بالدندنة، فيقع في الفضول. ومنهم من يتأمر على غلمان صاحب البيت ويهين أولاده، ويظن أنه يدل عليهم «2» .
ومنهم من يقول له صاحب البيت كل، فيقول: ما آكل إلا أنا ورفيقي. ومنهم من يسمع السائل على الباب، فيتصدق عليه من مال صاحب البيت بغير إذنه أو يقول للسائل فتح الله عليك.
ومنهم من يدعو الناس لصاحب الوليمة بغير إذنه ويقلده بذلك المنن وأكثر الناس واقع في ذلك.
نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يعيذنا من شرور أنفسنا بمنه وكرمه إنه جواد كريم رؤوف رحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الباب السادس والثلاثون في العفو والحلم والصفح وكظم الغيظ والاعتذار وقبول المعذرة والعتاب وما أشبه ذلك
قد ندب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الصفح والعفو بقوله تعالى: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ
«3» . قيل: هو الرضا بلا عتب. وقال تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ 199
«4» . وقال تعالى: وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
«5» وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ
«6» إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
» .
وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت قصورا مشرفة على الجنة، فقلت:
يا جبريل لمن هذه؟ قال: للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس» .
وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال: ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالعفو، فلولا علمي بالله لظننت أنه يوصيني بترك الحدود.
وقال الحسن بن أبي الحسن إذا كان يوم القيامة نادى مناد، من كان له على الله أجر فليقم، فلا يقوم إلا العافون عن الناس، وتلا قوله تعالى: فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
«8» .
وقال علي كرم الله وجهه: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة. وكان المأمون رحمه الله تعالى يحب العفو ويؤثره، ويقول: لقد حبب إليّ العفو حتى أني أخاف أن لا أثاب عليه، وكان يقول: لو علم أهل الجرائم لذتي في العوف لارتكبوها، وقال: لو علم الناس حبي للعفو لما

نام کتاب : المستطرف في كل فن مستطرف نویسنده : الأبشيهي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست