نام کتاب : المرقصات والمطربات نویسنده : ابن سعيد المغربي جلد : 1 صفحه : 94
حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا الأصمعي قال: سالت أعرابياً من بني عامر بن صعصعة عن المجنون العمري فقال: أيهم تسألني فقد كان فينا جماعة رموا بالمجنون، فعن أيهم تسأل، فقلت: عن الذي كان يشبب بليلى، فقال كلهم كحان يسبب بليلى، قلت: فأنشدني لبعضهم، فأنشدني لمزاحم إبن الحرث المجنون:
ألا أيها القلب الذي لجّ هائماً ... وليداً بليلى لم تقطع تمائمه
أفق قد افاق العاشقون وقد آن ... لك اليوم أن تلقى طبيباً تلائمه
أجدك لا تنسيك ليلى ملمةً ... تلمّ ولا عهد يطول تقادمه
قلت: فأنشدني غيره منهم فأنشدني لمعاذ بن كليب المجنون:
ألا طالما لاعبت ليلى وقادتي ... إلى اللهو قلب للحسان تبوع
وطال إفتراء الشوق عني كلما ... زفت دموعاً تستجد دموع
فقد طال إمساكي على الكبد التي ... بها من هوى ليلى الغداة صدوع
فقلت: أنشدني لغير هذين ممن ذكرت فأنشدني لمهدي بن الملوح:
لو أن لك الدنيا وما عدلت به ... سواها وليلى حائن عنك بينها
لكنت إلى ليلى فقيراً وإنما ... يقود إليها ودّ نفسك حينها
قلت له: فأنشدني لن بقي من هؤلاء فقال: حسبك فو الله إن في واحد من هؤلاء لمن يوزن بعقلائكم اليوم.
أخبرني محمد بن خلف وقيع قال: حدثنا أحمد بن الحرث الخزار قال: قال إبن الأعرابي كان معاذ بن كليب مجنوناً وكان يحب ليلى وشركه في حبها مزاحم بن الحرث العقيلي، فقال مزاحم يوماً للمجنون:
كلانا معاذ بحب ليلى ... بفيّ وفيك من ليلى التراب
شركتك في هوى من كان حظي ... وحظك من مودتها العذاب
لقد خبلت فؤادك ثم ثنّت ... بعقلي فهو مخبول مصاب
قال: فيقال أنه لما سمع هذه الأبيات إلتبس وخولط في عقله، وذكر أبو عمر الشيباني أنه سمع في الليل هاتفاً يهتف بهذه البيات فكانت سبب جنونه.
أخبرني عيسى بن الحسين الوراق قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني إسحق قال: أنشدت أيوب عن عبابة هذين البيتين:
وخبرتماني أن تيماء منزل ... لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا
هذي شهور الصيف عنا قد إنقضت ... فما للنوى ترمي ليلى المراميا
وسألته عن قائلهما فقال جميل، فقلت له أن الناس يروونهما للمجنون، فقال وما المجنون، فأخبرته فقال: ما لهذا حقيقة ولا سمعت به.
وأخبرني عمي عن عد الله بن شبيب عن هرون بن موسى القروي قال: سالت أبا بكر العدري عن هذين البيتين فقال هما لجميل ولم يعرف المجنون، فقلت هل معهما غيرهما قال نعم وأنشدني:
وإني لأخشى أن أموت فجاءة ... وفي النفس حاجات إليك كما هي
وإني لينسيني لقاؤك كلما ... لقيتك يوماً أن أبثك ما بيا
وقالوا به داءٌ عياءٌ أصابه ... وقد علمت نفسي مكان دوائيا
وأنا أذكر مما وقع من أخباره جملاً مستحسنة متبرئاً من العهدة فيها، فإن أكثر أشعاره المذكورة في أخباره ينسبها بعض الرواة إلى غيره وينسبها من حكيت عنه إليه، وإذا أقدمت هذه الشريطة برثت من عيب طاعن ومتبع للعيوب.
أخبرني بخبره في شغفه بليلى جماعة من الرواة ونسخت ما لم اسمعه من الروايات وجمعت في سياقه خبره ما إتسق ولم يخلف، فإذا إختلف نسبت كل رواية إلى راويها.
فمن أخبرني خبره أحمد بن عبد اعزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالا: حدثنا عمر بن شبة عن رجاله وغبراهيم بن أيوب عن إبن قتيبة ونسخت أخباره من رواية خالد بن كلثوم وأبي عمرو الشيباني وإبن دأب وهشام بن محمد الكلبي وإسحق بن الجصاص وغيرهم من الرواة.
قال أبو عمرو الشيباني وأبو عبيدة: كان المجنون يهوى بنت مهدي بن سعد بن مهدي بن ربيعة بن الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وتكنى أم مالك وهما حينئذ صبيان فعلق كل واحد منهما صاحبه وهما يرعيان مواشي أهلهما، فلم يزالا كذلك حتى كبرا فحجبت عنه.
قال ويدل على ذلك قوله:
تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابةٍ ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
نام کتاب : المرقصات والمطربات نویسنده : ابن سعيد المغربي جلد : 1 صفحه : 94