نام کتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب نویسنده : السري الرفاء جلد : 1 صفحه : 102
يقال رداء ومِردى مثل عِطاف ومِعطف، وقولهم به خُمار هو فترة الرجل عقيب سُكره وصحوه، لأنه يجري مجرى الأدواء مثل الصُّداع والرُّعاف. وكان الضم أولى به لأن الفتح شغلوه بالأسماء الخفية كالذَّهاب والكلام، والكسر بالعيوب كالحِران والجِماح فلم يبق إلا الضم فجعلوه للأدواء. قال أبو عمرو الشيباني: السَّواف من أدواء الإبل بالفتح، وأنكره الأصمعي فضمه، ولم يقولوا: به نُباذٌ لأن النبيذ ليس من كلام العرب فلم يستعملوه، وقالوا: خَمر فهو مَخمور. قال:
......... ... كصدودِ المخمورِ شمَّ الشَّرابا
وخمَّر فهو مخمر. قال امرؤ القيس:
......... ... كما ذعرتْ كأسُ الصَّبوحِ المُخمَّرا
والوجه الثاني من الاشتقاق أنه لطيب رائحتها، وذكاء نشوتها سميت خمراً. تقول: وجدتُ خَمرَةَ الطيب، أي رائحته. قال الراجز:
يا رُبَّ خَوْدٍ طَفْلَةٍ مُعطَّرهْ ... مُعجبةٍ بحُسنِها مُشمِّرهْ
إن جئتَها محجوبةً مخدّرهْ ... وجدتَ من خلفِ الجدار الخَمرَهْ
والوجه الثالث أنه من خامَرَني الهمُّ أي خالطني، وداءٌ مخامِرٌ، أي مخالط للبدن، كأنها تخامر الأبدان والعقول أي تخالطها. قال:
أتيناهُ زُوّاراً فأعتدَنا قِرَىً ... منَ البَثِّ والداءِ الدخيلِ المُخامرِ
وليس لأحد أن يقول إنه يرجع كل اشتقاقه إلى التغطية، لأنه إن سِير في الاشتقاق هذه السيرة بطلت فوائد أبوابه وأنواعه، وإنما يكون اختلافه بزيادة معنىً على آخر. وعلى هذا أسسه العلماء من القدماء، حتى قالوا في البحر إنه من البحر، أي ملحٌ، وماءٌ بحرٌ أي ملحٌ، ومياه البحار أملاح. قال نصيبٌ:
وقد عادَ ماءُ الأرضِ بَحْراً فزادَني ... إلى ظَمأي أنْ أبحرَ المَشربُ العَذبُ
وقيل إنه سمي بذلك لبعد قعره وانشقاق عمقه، ومنه بحرتُ الناقة، أي شققت أذنها، فهي بَحيرة، ومنه تبحَّر فلان في العلم. وقيل إنه سمي بحراً لغلظ مائه وكدورته وتغيره. ومنه سمي دمٌ باحرٌ، أي ثخين أسود. وفي الحديث: " دمُ الحيضِ أسود بحراني ". قال العجاج:
من ناقعِ الجوفِ وبَحراني
وقالوا في المسيح صلوات الله عليه إنه لم يكن يمسح ذا عاهة إلا أبرأه، فهو على هذا فَعيل بمعنى فاعل، وقال غيره إنه فَعيلٌ بمعنى مفعول كأنه ممسوحُ باطن القدم لا يتخامص، وكذلك كان. وقال غيره سمي المسيح لأنه كان يمسح الأرض بالسياحة. وقيل إنه سمي المسيح لحسنه. تقول العرب: به مِسحةٌ من جمال، أي براعة. قال: البيت لامرأةِ ذي الرمة من قصيدة تهجو فيها ميّة صاحبة ذي الرمة:
على وجهِ ميَّ مِسْحةٌ من مَلاحةٍ ... وتحتَ الثيابِ الخزيُ لو كان باديا
والمسيحة القطعة من الفضة، قال الأنماري:
كأنَّ مسيحتي ورقٌ عليها ... نمتْ قِرطيهما أذنٌ جذَيمُ
وهذا وإن كان أصله كله يرجع إلى المسح فقد اختلفت أنواعه، وعُقل من كل نوع فائدة جديدة كالدرع والمِدْرعة والدُّرَاعة، وأصل الكلمة درع إلا أنه عُقل من صنعة كل لفظة فائدة قائمة بنفسها.
الشَّمول
قال الأصمعي: سميت شَمولاً لأن لها عصفة كعصفة الشَّمال، وقد بين هذا ابن الرومي في قوله:
تنفّسُ كالشَّمولِ ضُحىً شمالٌ ... إذا ما فُضَّ عن فيها الختامُ
وتكون على هذا فعولاً بمعنى فاعل، مثل قتول بمعنى قاتل. تقول: شملت الريح إذا هبت شمالاً. وقال أبو عمرو الشيباني: سمّيت شَمولاً لأنها تشمل بريحها الناس، أي تعم، من الشِّمال، وهو كيس يُجعل فيه ضرع الشاة. أنشدنا أحمد بن يحيى:
ستعلمُ إنْ دارتْ رحى الحربِ بينَنا ... عِنانُ الشِّمالِ منْ يكونَنَّ أضرعا
يريد بعنان الشمال شبهه به. قيل إنه أراد معانة أمر مشؤوم. وقيل إن دارت الحرب بيننا مدارها انهزمتَ لأن المنهزم يأخذ عن شماله. وقيل سميت شَمولاً لأنها تشتمل على عقل صاحبها. ويقال: فلان حسن الشَّمْلة مثل القمصة، أي حسن الاشتمال بالثوب، وقالوا مشمولةً أيضاً، فتكون الشمول فعولاً بمعنى مفعولٍ كحلوبٍ بمعنى محلوب، لأنها يشملها الناس أي يحُفّونها للشرب. قال الأقيشر:
وأنتِ لو باكرتِ مشمولةً ... صِرفاً كلونِ الفرسِ الأشقرِ العَتيق والعاتق
نام کتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب نویسنده : السري الرفاء جلد : 1 صفحه : 102