نام کتاب : المحاضرات في اللغة والأدب نویسنده : اليوسي، نور الدين جلد : 1 صفحه : 126
وألقيتها إلى ابن حرب فلما قرأها قال: ويحك ألاّ نفست؟ فقلت: بعد حول فقلت: ما أردت أن أقول: إلاّ بعد يوم، ولكني خفت أن تصيبني معكما الصيحة، ففطن الثقيل فنهض، فقال لي ابن حرب: آذيته، فقلت: هو آذاني أولاً، والبادي أظلم، ثم قال: لعمري لئن أساء في قدومه وإقدامه، لقد أحسن في نهوضه وقيامه.
واستأذن بعض الثقلاء على ابن المبارك فلم يأذن له، فكتب إليه ذلك الثقيل:
هل لذي حاجة إليك سبيل؟ ... لا طويل قعوده بل قليل
فأجابه ابن المبارك:
أنت يا صاحب الكتاب ثقيل ... وقليل من الثقيل طويل
وذكر ثقيل عند بعض الأذكياء فقال: هو ثقيل السكون، بغيض الحركة، كثير الشؤم، قليل البركة، كأنه ثقل الدين، ووجع العين، وما أحقه بقول القائل:
ثقيل يطالهنا من أمم ... إذا سرّه رغم أنفي ألم
لنظرته وخزة في القلوب ... كوخز المحاجم في الملتزم
أقول له إذ أتى لا أتى ... ولا حملته إلينا قدم:
عدمت خيالك لا من عمىً ... وسمع كلامك لا من صمم
ووصف آخر ثقيلاً فقال: هو بين الجفن والعين قذاة، وبين القدم والنعل حَصاةٌ، ما أشبه طلعته إلاّ بوقت الفراق، أو كتاب الطلاق، أو طلعة الرقيب، أو موت الحبيب:
مشتملٌ بالبغض لا تنثني ... إليه طوعاً لحظة الرامق
يظلّ في مجلسنا قاعداً ... أثقل من واش على عاشق
وذكر عند العباس بن الحسن العلوي ثقيل يسمى أبا عمار فقال: ما الحمام على الأضرار، وحلول الدين على الإقتار، وشدة السقم في الأسفار، بأثقل على النفس من طلعة أبي عمار، وأنشد:
تحمل منه الأرض أضعاف ما ... يحمله الحوت من الأرض
وقال بعضهم في صفة ثقيل: هو أثقل من داء بلا علة، وأبغض من خراج بلا غلة، قد خرج عن حد الاعتدال، وذهب من ذات اليمين إلى ذات الشمال، يحكي ثقل الحديث المعاد، على القلوب والأكباد، وإذا نظرت إلى مشيته أنشدت:
ثقيل براه الله أثقل من برا ... ففي كل قلب بغضة منه كامنه
مشى فدعا من ثقله الحوت ربه ... وقال: إلهي، زيدت الحوت ثامنه
وقول أبي عمار بل عبد الله بن خلف في صفة ثقيل:
وثقيل أشد من ثقل المو ... ت ومن شدة العذاب الأليم
لو عصَت ربها الجحيمُ لما كا ... ن سواه عقوبة للجحيم
ولابن عطاء الصنهاجي:
ليس من الناس ولكنه ... يحسبه الناس من الناس
أثقل في أنفس أصحابه ... من جبل راس على راس
وقال آخر وبالغ:
يا رحمة الله على آدم ... رحمة من عمّ ومن خصصا
لو كان يدري أنه خارج ... مثلك من إحليله لاختصى
وقال آخر مثله:
لو كان آدم عالماً غيباً بأن ... ستكون من أولاده فيما غبر
لأبان حقاً بالطلاق ثلاثة ... وأبى لأجلك أن يكون أبا البشر
وقول الآخر، ويقال: إنها ما قرئت على ثقيل إلاّ ارتحل:
يا مبرماً أهدى حمل ... خذ وارتجل ألف جمل
قال: وما أحملها ... قلت: زبيب وعسل
قال: ومن يقودها؟ ... قلت له: ألف بطل
قال: وما سلاحهم؟ ... قلت: سيوف وأسَل
قال: وما لباسهم؟ ... قلت: حليٌّ وحلل
فقال: ملك لي إذن؟ ... قلت: نعم إن ترتحل
قال: فهل أبرمتكم؟ ... قلت له: الأمر جلل
قال: وهل أثقلتكم؟ ... قلت له: فوق الثقل
وقال البهاء المهلبي:
وجاهل طال به عنائي ... لازمني وذاك من شقائي
كأنه الأشهر من أسمائي ... أخرق ذو بصيرة عمياء
لا يعرف المدح من الهجاء ... أفعاله الكل بلا استواء
أقبح من وعد بلا وفاء ... ومن زوال النعمة الحسناء
أبغض للعين من الأقذاء ... أثقل من شماتة الأعداء
فهو إذا رأته عين الرائي ... أبو معاذ وأخو الخنساء
ومطيع بن إياس قال:
قل لعباس أجبنا ... يا ثقيل الثقلاء
أنت في الصيف سَمُوم ... وجليد في الشتاء
وللصاحب بن عباد:
تزلزلت الأرض زلزالها ... وأخرجت الأرض أثقالها
مشى ذا الثقيل على ظهرها ... فماجت وقيل: انظروا ما لها
وقال آخر:
إذا جلس الثقيل إليك يوماً ... أتتك عقوبة من كل باب
نام کتاب : المحاضرات في اللغة والأدب نویسنده : اليوسي، نور الدين جلد : 1 صفحه : 126