نام کتاب : المحاضرات في اللغة والأدب نویسنده : اليوسي، نور الدين جلد : 1 صفحه : 113
يا هذا سألتنا فلم نكتمك، فمن أنت؟ قال: من قريش، قال: بخ بخ أهل الشرف والرياسة، فمن أي قريش أنت؟ قال: من تيم ابن مرة، قال: أمكنت الرامي من ثغرتك، فمنكم قصي الذي جمع الله به القبائل من فهر؟ قال: لا، قال: فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه؟ قال: لا، قال: فمنكم شيبة الحمد مطعم الطير؟ قال: لا، قال: فلكم الإفاضة؟ قال: لا، قال: فلكم الندوة؟ قال: لا، قال: فلكم الحجابة؟ قال: لا، قال: فلكم السّقاية؟ قال: لا، ثم اجتذب أبو بكر زمام طاقته وانصرف عنه، فقال له: أيم الله، لو تلبثت لأخبرتك أنك من زمعات قريش أو ما أنا بدغفل فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال علي: فقلت: يا أبا بكر حصلت من الأعرابي على باقعة، قال: أجل إن فوق كل طامة طامة، والبلاء موكل بالمنطق.
وكان عتبة بن أبي سفيان عاملاً على المدينة فولى رجلاً من أهله على الطائف، ثم إنه ظلم رجلاً من الأزد وأخذ له غنماً، فجاء إلى المدينة مشتكياً ودخل على عتبة فأنشأ يقول:
أمرت من كان مظلوماً ليأتيكم ... فقد أتاك غريب الدار مظلوم
وذكر ما فعل به العامل وأكثر، فقال له عتبة: إنك أعرابيّ جاف، والله ما أحسبك تعرف كم تصلي في كل يوم وليلة، فقال الأعرابيّ: أرأيتك إن أنبأتك عن ذلك أن تجعل لي أن أسألك عن مسألة؟ قال: نعم، فقال الأعرابي:
إن الصلاة أربع وأربع
ثم ثلاث بعدهن أربع
ثم صلاة الفجر لا تضيع
قال صدقت فسل، فقال: كم فقار ظهرك قال: لا ادري، قال: فتحكم بين الناس وأنت تجهل هذا من نفسك، فقال عتبة: ردوا عليه غنيمته.
ولما ظهر المهلب بن أبي صفرة على الخوارج أرسل كعب " قال عنه الأصفهاني في " أغانيه " " 14: 284 ": " كعب بن معدان الأشقري، والأشاقر قبيلة من الأزد، شاعر، فارس، خطيب، معدود في الشجعان، من أصحاب المهلب والمذكورين في حروب الأزارقة " " ابن مَعْدان الأشقري ومرة بن تليد الأزدي إلى الحجاج ليعلماه بالفتح فلما طلعا عليه تقدم كعب فأنشد:
يا حفص إني عداني عنكم السفر ... وقد سهرت فأرْدى نوميَ السهر
فقال له الحجاج: أشاعر أم خطيب؟ فقال: كلاهما، ثم أنشده القصيدة، ثم أقبل عليه فقال: خبرني عن " بني " المهلب فقال: المغيرة فارسهم وسيدهم، وكفى بيزيد فارساً شجاعاً، وجوادهم وسحبهم قبيصة، ولا يستحيي الشجاع أن يفر من مدرك، وعبد الملك سم ناقع وحبيب موت ذعاف، ومحمد ليث غاب، وكفى بالفضل نجدة، قال: فكيف خلفت جماعة الناس؟ قال: قد خلفتهم بخير، قد أدركوا ما أملوا، وأمنوا ما خافوا، قال: فكيف كان بنو المهلب فيهم؟ قال: كانوا حماة للسرح نهاراً، فإذا أليلوا ففرسان للبيات، قال: فأيهم كان انجد؟ قال: كانوا كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفها، قال: فكيف كنتم أنتم وعدوكم؟ قال: كنا إذا أخذنا عفونا " واخذوا عفوهم يئسنا منهم "، وإذا اجتهدوا واجتهدنا طمعنا فيهم، فقال الحجاج:) إنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (كيف أفلتكم قطري؟ قال: كادنا ببعض ما كنا نكيده، قال: فهلا اتبعتموه؟ قال: كان الحد عندنا آثر من الفل، قال: كيف كان لكم المهلب وكنتم له؟ قال: كان لنا منه شفقة الوالد، وله منا بر الولد، قال: فكيف اغتباط الناس؟ قال: فشا فيهم الأمن، وشملهم النقل قال: أكنت أعددت لي هذا الجواب؟ قال: لا يعلم الغيب إلاّ الله، قال: هكذا والله يكون الرجال، المهلب كان أعلم بك حين وجهك.
وفي " نوادر القالي " أن الحجاج قال له: كيف كان محاربة المهلب للقوم؟ قال: كان إذا وجد الفرصة سار كما يسور الليث، وإذا دَهِمَتْه الطحمة راغ كما يروغ الثعلب، وإذا مادَّه القوم صبر صبر الدهر، وانه قال له: كيف أفلتكم قطريّ؟ قال: كادنا ببعض ما كدناه به، والأجل أحصن جنة، وأنفذ عُدة، قال: وكيف اتبعتم عبد ربه وتركتموه؟ قال: آثرنا الحد على الفل، وكانت سلامة الجند أحب إلينا من شجب العدو.
ولما مات سعيد بن العاصي قال معاوية لابنه عمرو بن سعيد وهو صبي صغير: إلى من أوصى بك أبوك يا غلام؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن أبي أوصاني ولم يوص بي.
نام کتاب : المحاضرات في اللغة والأدب نویسنده : اليوسي، نور الدين جلد : 1 صفحه : 113