أبو الحسن بن إبراهيم بن سمحوج كان يقول: ثلاثة لا تخلو من ثلاثة: جسم من علل، وقلب من شغل، وكذ خدابية من خلل وكان يقول: من أكل الحلوى بالخبز فكأنما عانق المعشوق في الصدر.
وكان مأمون خوارزم شاه يوماً يشرف في باغه أي بستانه المعروف بالأخشيت مع ندمائه، ورائض يروض فرساً ليركبه ويدور حول الباغ، فانتهى إلى مجلسه وحاذاه والقدح بيد أحد ندمائه فخرج من الفرس ريح لها صوت. فقال خوارزم شاه بالعجلة: على شارب الشارب!.
أبو موسى هارون قال لولده: إني أعظك أن تكون من الجاهلين خف الله يخفك الناس، وكثر لهم اللطف لئلا تنسب إلى لؤم القدرة، ولا تفش سرك ولو إلى وزير فإن لكل وزير وزيراً.
عبد الرحمن صاحب أندلس، كتب إليه بسبة فوقع: أما بعد فإنك عرفتنا فسببتنا ولو عرفناك لأجبناك والسلام.
أبو القاسم محمود بن ناصر الدين سلطان الغازي الماضي كان يقول: حسن صورة الإنسان من عناية الله تعالى بعبده. فمن أحسن صورته ألقى عليه محبته وأحبته القلوب.
وقعد يوماً يعرض عسكره فقرئ ذكر فتى بقل وجهه، وكان موصوفاً بالجمال فقال: اكتبوا بطلب وجهه.
وكان يقول: نحن نوجب الصلاة كالصلاة. الباب الرابع
لطائف الوزراء والكبراء
عبيد الله بن يحيى وزير مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية.، كان يقول: البلاغة ما رضيته الخاصة وفهمته العامة.
الربيع بن يونس وزير المنصور كان يقول: من كلم الملوك في الحاجات في غير أوقات الكلام لم يظفر ببغتيه وضاع كلامه، وما أشبه الحال في ذلك إلا بأوقات الصلاة لا تقبل إلا فيها. فمن أراد خطاب الملوك فليترصد الوقت المنجح الذي يصلح فيه ذكر ما أراد ليحصل النجح وإلا فلا.
أبو عبيد الله وزير المهدي كان يقول: حسن الشيم علم من أعلام النجح.
ومن كلامه: خير الكلام ما قل وجل ودل ولم يمل.
واعتذر إليه رجل بكلام غير حسن فقال له: ما رأيت عذراً أشبه باستئناف ذنب من هذا.
يحيى بن خالد البرمكي كان يقول: الصديق ما ينفع أو يستنفع.
وقوله: المواعيد شباك الأحرار والكرام يصيدون بها محامد الأخيار.
وقوله: أنا مخير بين الإحسان إلى من لم أحسن إليه، ومرتهن إلى من أحسنت إليه.
وقوله: الدنيا سعة المنزلة وكثرة الخدم وطيب الطعام ووطأة الفراش وطيب الرائحة وموافقة الأهل والقدرة على الإحسان بالإخوان.
وقيل له: لم لا تستبدل بحاجبك فقد شاخ؟ قال: فمن يعرف إخواني القدماء؟ وكان يقول: ثلاثة تدل على عقول أربابها: الكتاب والرسول والهدية.
الفضل بن يحيى رحمه الله تعالى، جرى يوماً مديح الناس إياه لجوده فقال: ما قدر الدنيا حتى يمدح من يجود بكلها فضلاً عن بعضها؟ وكان يقول: ما سروري بالموعد كسروري بإنجازه.
جعفر بن يحيى رحمه الله اختصم إليه رجلان فقال لأحدهما: أنت خلي وهذا شجي، فجوابك يجري على برد العافية وجوابه يجري على حر المصيبة.
إسماعيل بن صبيح، قال صاحب الكتاب: لم أسمع ولم أقرأ أحسن وأظرف في الجمع بين الشكر والشكاية في فصل قصير أوجز مما كتب إلي يحيى بن خالد: في شكر ما تقدم من إحسانك شاغل عن استبطاء ما تأخر منه. وما زلت أطلب شعراً في هذا المعنى حتى وجدته لأبي الطيب، قال متقارب:
فإن فارقتني أمطاره ... فأكثر غدرانها ما نضب
رأى الرشيد رحمه الله تعالى يوماً رجلاً في داره وبيده حزمة خيزران فقال: ما هذه؟ فقال: عروق القنا، لموافقته اسم أم الرشيد.
وهو الذي يقول: إياكم ومخاطبة الملوك بما يقتضي جواباً، فإنه إذا جاوبكم اشتد عليهم وإن لم يجيبوكم اشتد عليكم.
الفضل بن سهل ذو الرئاستين، من ظريف كلامه: ما استرضي الغضبان ولا استعطف السلطان، ولا سلت السخائم، ولا رفعت المغارم، ولا استمسك المحبوب ولا توقي المحذور بمثل الهدية.
وقوله عند برئه من علة: إن في العلل نعماً لا ينبغي للعقلاء أن يجحدوها، منها تمحيص الذنب، وتعرضٌ لثواب الله تعالى، وإيقاظٌ من الغفلة، وإذكارٌ بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء التوبة، وحض على الصدقة.
أخوه الحسن بن سهل، من ظريف كلامه: عجبت لمن يرجو من فوقه كيف يحرم من دونه.
وقوله: لا يصلح للصدر إلا واسع الصدر.
وقيل له: لا خير في السرف. فقال: لا سرف في الخير. فرد اللفظ واستوفى المعنى.