أقول في قوم يلون من أمورنا خمسة، الجمعة والجماعة والثغور والحدود والفيء، والله ما يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا أو ظلموا ولما يصلح الله بهم أكثر مما يفسد.
وقال الجاحظ: لولا السلطان لأكل الناس بعضهم بعضا، كما أنه لولا الراعي لأتت السباع على الماشية.
ومن الأمثال: جاور ملكا أو بحرا. وفي فصول ابن المقفع:
فساد الرعية بلا سلطان كفساد الجسم بلا روح. وفي بعض كتب العجم: إن الملك العادل كالشمس في الشتاء، والقمر في الخريف، والرخاء في جميع الأزمنة، وهو في الأصحاب كالرأس في الجسد، وفي الأولياء كماء الغسل، وفي الحرب كالحريق المشتعل. وقيل: مثل الإسلام والسلطان والأعوان والرعية كالفسطاط والعمود والأطناب والأوتاد لا يقوم بعض ذلك إلا ببعض. وقال ابن المعتز: الملك بالدين يبقى، والدين بالملك يقوى. وذكر ابن المقفع في يتيمته:
السلطان وما للناس من عدله وفضله مع ما يمس بعضهم من الظلم بالغيث الذي يغيث البلاد وينعش العباد ويعم الأودية ويتداعى له البنيان، وتكون فيه الصواعق والرياح التي هي روح النفوس ولقاح الثمار، وبها تسير سحائب الجو وسفائن البحر، وقد تضر بكثير من الناس وتتعدى إلى أموالهم ونفوسهم، وبالشتاء والصيف اللذين بتعاقبهما صلاح الحرث والنسل وحياة الحيوان والنبات، وقد يكون الضر والأذى في البرد إذا لذع والحر إذا سفع، وبالليل الذي جعله الله سكنا ولباسا وقد تعدو فيه هوام الأرض وسباعها ويستوحش به الوحيد وذو العلة والمسافر في القفر، وبالنهار الذي جعله الله ضياء ونشورا ومعاشا وقد تصبح فيه الغارات والوقائع ويكون في ظهائره