نام کتاب : الكامل في اللغة والأدب نویسنده : المبرد، محمد بن يزيد جلد : 3 صفحه : 262
فلحقه السيف وهو ساجد، فأمسكنا عن الأكل[1]، فأقبل علينا الحجاج فقال: مالي أراكم صفرت أيديكم واصفرت وجوهكم وحد نظركم من قتل رجل واحد! إن العاصي يجم خلالاً: يخل بمركزه، ويعصي أميره، ويغر المسلمين وهو أجير لهم، وإنما يأخذ الأجرة لما يعمل، والوالي مخير فيه، إن شاء قتل وإن شاء عفا.
ثم كتب الحجاج إلى المهلب: أما بعد؛ فإن بشراً رحمه الله استكره نفسه عليك، وأراك غناءه عنك، وأنا أريك حاجتي إليك، فأرني الجد في قتال عدوك، ومن خفته على المعصية ممن قبلك فاقتله، فإني قاتل من قبلي، ومن كان عندي من ولي من هرب عنك فأعلمني مكانه، فإني أرى أن آخذ الولي بالولي، والسمي بالسمي.
فكتب إليه المهلب: ليس قبلي إلا مطيع، وإن الناس إذا خافوا العقوبة كبروا الذب، وإذا أمنوا العقوبة صغروا الذنب، وإذا يئسوا من العفو أكفرهم ذلك، فهب لي هؤلاء الذي سميتهم عصاة، فإنما هم فريقان[2] أبطال، أرجو أن يقتل الله بهم لعدو ونادم على ذنبه.
فلما رأى المهلب كثرة الناس عليه قال: اليوم قوتل هذا العدو، ولما رأى ذلك قطري قال: انهضوا بنا نريد السردان[3] فنتحصن فيها، فقال عبيدة بن هلال: أو نأتي سابور، وخرج المهلب في آثارهم، فأتى أرجان، وخاف أن يكونوا قد تحصنوا بالسردن، وليست بمدينة، ولكن جبال محدقة منيعة، فلم يصب بها أحداً، فخرج نحوهم فعسكر بكازرون، واستعدوا لقتاله، وخندق على نفسه، ثم وجه إلى عبد الرحمن بن مخنف: خندق على نفسك، فوجه إليه: خنادقنا سيوفنا، فوجه إليه المهلب: إني لا آمن عليك البيات، فقال ابنه جعفر: ذاك أهون علينا من ضرطة جمل! فأقبل المهلب على ابنه المغيرة فقال: لم يصيبوا الرأي ولم يأخذوا بالوثيقة، فلما أصبح القوم غادوه الحرب، فبعث إلى ابن مخنف يستمده، فأمده بجماعة، وجعل عليهم ابنه جعفراً، فجاؤوا وعيهم أقبية بيض جدد، فقاتلوا يومئذ حتى عرف مكانهم، وحاربهم المهلب، وأبلى بنوه يومئذ كبلاء الكوفيين أو أشد، ثم نظر إلى رئيس منهم يقال له صالح بن مخراق، وهو ينتخب [1] ر: "الطعام". [2] ر: "فريسان". [3] السردان: موضع ببلاد فارس بإزاء كازرون "البكري". وفي ر: "السردان".
نام کتاب : الكامل في اللغة والأدب نویسنده : المبرد، محمد بن يزيد جلد : 3 صفحه : 262