نام کتاب : الكامل في اللغة والأدب نویسنده : المبرد، محمد بن يزيد جلد : 3 صفحه : 170
الحجاج وامرأة من الخوارج
وذكرت الرواة أن الحجاج أتي بامرأة من الخوارج، وبحضرته يزيد بن أبي مسلم مولاه، وكان يستسر برأي الخوارج، فكلم الحجاج المرأة فأعرضت عنه، فقال لها يزيد بن أبي مسلم: الأمير، ويلك، يكلمك! فقالت: بل الويل والله لك يا فاسق الردي.
والردي عند الخوارج: هو الذي يعلم الحق من قولهم ويكتمه.
عبد الملك بن مروان ورجل من الخوارج
وذكروا أن عبد الملك بن مروان أتي برجل منهم فبحثه فرأى منه ما شاء فهماً ثم بحثه، فرأى ما شاء إبراً ودهياً[1]، فرغب فيه، فاستدعاه[2] إلى الرجوع عن مذهبه، فرآه مستبصراً محققاً، فزاده في الإستدعاء فقال له: لتغنك الأولى عن الثانية، وقد قلت فسمعت، فاسمع أقل، قال له: قل. فجعل يبسط له من قول الخوارج ويزين له مذهبهم بلسان طلق وألفاظ بينة ومعان قريبة، فقال عبد الملك بعد ذلك على معرفته: لقد كان يوقع في خاطري أن الجنة خلقت لهم، وأنا[3] أولى بالجهاد منهم. ثم رجعت إلى ما ثبت الله علي من الحجة وقرر في قلبي من الحق. فقلت له: لله الآخرة والدنيا، وقد سلطنا[4] الله في الدنيا، ومكن لنا فيها، وأراك لست تجيب بالقبول[5]، والله لأقتلنك إن لم تطع.
فأنا في ذلك إذ دخل علي بابني مروان.
قال أبو العباس: كان مروان أخا يزيد لأمه، أمهما عاتكة بنت يزيد بن معاوية، وكان أبياً عزيز النفس، فدخل به في هذا الوقت على عبد الملك باكياً لضرب المؤدب إياه، فشق ذلك على عبد الملك، فأقبل الخارجي، فقال له: دعه يبكي[6]؛ فإنه أرحب لشدقه، وأصح لدماغه، وأذهب لصوته، وأحرى ألا تأبى [1] الأرب: البصر بالأمور, والدهى, مصدر دهى, كرضي, إذ كان صاحبه عاقلا مجربا. [2] كذا في الأصل, س, وفي ر: "واستدعاء". [3] ر: "وأبى". [4] ر: "سلطني". [5] ر: "بالقول". [6] ر: "يبك" وكلاهما جائز.
نام کتاب : الكامل في اللغة والأدب نویسنده : المبرد، محمد بن يزيد جلد : 3 صفحه : 170