responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفن ومذاهبه في النثر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 247
6- مقامات البديع، وما فيها من تصنع:
ونحن نعرض لضرب جديد من الكتابة ابتكره بديع الزمان، لنرى ما فيه من تصنع، وهو ما اشتهر به مقاماته، وهي نوع من القصص القصيرة تحفل بالحركة التمثيلية، وفيها تدور المحاورة بين شخصين سمي أحدهما عيسى بن هشام والآخر أبا الفتح الإسكندري، وهو من الآدباء السيارين أو المكذبين السائلين، يطوف من مكان إلى مكان يستجدي الناس بفصاحته وبيانه، يتقابل دائمًا هذا الشخص المسمى بأبي الفتح الإسكندري، مع راو له يحكي أخباره، وهو عيسى بن هشام، ويقول بديع الزمان -كما مر بنا-: إنه أصنع أربعمائة قصة من هذا النوع، أو كما يسميها هو مقامة[1]، غير أنه لم يصلنا منمها إلا نيف وخمسون فقط، وأكبر الظن أن بديع الزمان كان بصدد الافتخار، والتزيد في عمله، ولذلك ينبغي أن لا نفهم العدد الذي ذكره بمعناه الحرفي.
ويقف الباحثون عند كلمة مقامات، التي أطلقها البديع على قصصه، ويتساءلون عن المعاني، التي جاءت فيها قبله[2]، وإن من يرجع إلى الشعر الجاهلي يجدها تستعمل فيه بمعنى المجالس، يقول زهير بن أبي سلمى في بعض شعره3:
وفيهم مقامات حسان وجوهها ... وأندية ينتابها القول والفعل
وإن جئتهم ألفيت حول بيوتهم ... مجالس قد يشفى بأحلامها الجهل
ثم توسع العرب في معنى الكلمة، فأصبحوا يطلقونها على خطبهم، وأحاديثهم التي يقولونها في مجالسهم، وقد يفهم بيت زهير على هذا المعنى، واستمرت الكلمة تدل على المعنيين، حتى عصر بديع الزمان نفسه، إذ نجده يستخدمها في رسائله بمعنى المجالس [4]، كما استخدمها الثعالبي بنفس المعنى[5]، وفي أخبار البديع أنه كان يختم مقامه، أو مجلسه في نيسابور بقصة من هذه القصص، ولعله من أجل ذلك اختار لهم اسم المقامات.

[1] الرسائل ص390، 516، وانظر اليتيمة 4/ 241.
[2] انظر دائرة المعارف الإسلامية في ترجمة بديع الزمان، وفي كلمة مقامة أيضًا.
3 ديوان زهير "طبع دار الكتب" ص113. وانظر ديوان لبيد "طبع بريل" ص39، والمفضليات "طبعة لايل" ص122، والحماسة "طبع أوربا ص95.
[4] رسائل بديع الزمان ص106.
[5] انظر ما نقله ياقوت عن الثعالبي في معجم الأدباء "طبع مصر" 2/ 166.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في النثر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست