نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 59
في هذه العصور؛ بل لقد كان أول من اقترح -فيما نعلم- وزن المجتث إذا غَنَّى في قوله1:
إني سمعت بليلٍ ... وَرَا المصلَّى برنَّه
إذا بنات هشامٍ ... يندبنَ وَالِدَهُنَّه
يندبن قَرْمًا جليلًا ... قد كان يعضُدهنَّه
ونرى من ذلك أن موجة الغناء والرقص في العصر الإسلامي أهَّلت لشيوع الأوزان القصيرة والبحور المجزوءة في شعر الحجازيين وشاركهم أهل الشام في هذا الصنيع.
1 أغاني "دار الكتب" 7/ 17.
7- انتقال الغناء إلى العراق في العصر العباسي:
إذا تركنا العصر الإسلامي إلى العصر العباسي وجدنا الغناء وما يستتبعه من رقص وموسيقى يتحول من الشام إلى العراق مع الملك العربي والدولة العربية. وأعدَّت لهذا الانتقال أسباب مختلفة يرجع بعضها إلى اتصال أهل العراق بالبلاط الأموي؛ فقد كانوا يذهبون هناك ثم يعودون متأثرين بهذا الذوق الجديد، ويرجع بعضها الآخر إلى أسباب فارسية؛ فإن من المعروف أن الفرس مشغوفون بالملاهي والطرب[1]، ولكنهم لم يدخلوا في الحياة الإسلامية دخولًا واضحًا إلا في العصر العباسي.
ونفس الكوفة والبصرة كانت المعيشة فيهما في أثناء العصر الإسلامي أقرب إلى البداوة، أما في العصر العباسي فتصبح الحياة فيهما حضرية مبالغة في الحضارة، وتنشأ بجانبهما بغداد ينشئها المنصور على طراز كأنه اشتُقَّ من الفرس؛ فالحياة فيها فارسية أو تكاد: الناس يحتفلون بالنيروز وأعياد الفرس، ويلبسون ملابسهم ويتعودون عاداتهم في مآكلهم ومشاربهم، والخلفاء يعيشون معيشة كسروية، [1] مروج الذهب 2/ 157، وانظر 8/ 93.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 59