نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 463
فهم يعيشون على تقليدهم، ومن ثمَّ كنا نراهم يقفون معجبين بالأزياء الفنية التي نسجها أبو نواس والبحتري وابن الرومي، والأخرى التي نسجها أبو تمام وابن المعتز، والثالثة التي حاكها المتنبي وأبو العلاء وأضرابهما، وقلما بدلوا في هذه الأزياء، إنما هم يتنازعونها فيما بينهم، كل يحاول أن يتزيَّى بها في فنه، وأعجبوا خاصة بزي التصنيع والبديع، وما تزال ترى الشاعر منهم يجمع بين هذه الأزياء جميعًا في فنه دون أن يعرف الفروق بينها، فهي كلها أزياء، وهي كلها تحتذى وتقلد.
ومع ذلك استطاعت الأندلس أن تمثل نفسها -إلى حد ما- في شعرها، فاستحدثت الموشحات والأزجال، وصور الشعراء بيئتها تصويرًا طريفًا، وكذلك شأن مصر، فقد استطاعت داخل هذا التقليد أن تمثل نيلها وزروعها وجناتها، كما استطاعت أن تمثل موجة الزهد والتصوف التي كانت منبثة في بعض جوانبها، وأيضًا فإنها مثلت موجة اللين والدعة التي كانت شائعة فيها، كما مثلت جانب الفكاهة والدعابة في شعرائها أروع تمثيل.
3- الشِّعْرُ في مِصْرَ:
إذا تعقبنا الشعر في مصر أثناء العصر الأموي لم نجد لها سوى أشعار كانت تقال في المناسبات والأحداث المختلفة. أما بعد ذلك فليس لها شاعر ممتاز يمكن أن نضعه في صف الشعراء الممتازين للحجاز ونجد والعراق والشام.
وإذا تركنا العصر الأموي إلى العصر العباسي وجدنا مصر تأخذ بأسباب النهضة الفنية التي ستقبل عليها في العصر الفاطمي، فقد أخذ الشعر ينمو فيها أكثر من ذي قبل، ومع ذلك فلا يزال بينها وبين بغداد بون بعيد. روى الرواة أنه لما قدم أبو نواس مصر على الخصيب عامل الخراج عليها من قبل هارون الرشيد
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 463