نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 315
واصطلاح الزمان في مثل قوله:
نحن من ضايقَ الزمان له فيـ ... ـك وخانته قربَكَ الأَيَّامُ
وقال الصاحب بن عباد معلقًا على هذا البيت الأخير: "إنه لو وقع في عبارات الجنيد والشبلي لتنازعته المتصوفة دهرًا بعيدًا"[1]. ومثله الأبيات التي سبقته وكثير من أبيات أخرى أخرجها المتبني إخراجًا صوفيًّا وهي منتشرة في ديوانه واقرأ له هذا البيت:
كبُرَ العيانُ علي حتى إنه ... صار اليقينُ من العيانِ توهُّما
فستراه يبالغ حتى يصل إلى مذهب الغلاة من أهل التصوف الذين يذهبون إلى أنه ليس في العالم إلا الله وأن ما عداه خيال لا حقيقة[2]، وكذلك اليقين في رأي المتنبي.
ولعل أهم قصيدة في ديوانه تصور هذا الجانب قصيدة الأوراجي التي سبقت الإشارة إليها؛ إذ "هي القصيدة الوحيدة التي يعمد فيها الشاعر إلى المذهب الرمزي ليرضي ممدوحه الذي كان يذهب مذهب التصوف، وهي من هذه الجهة قيمة؛ لأنها تُبِين عن علم المتنبي في الخامسة والعشرين من عمره بمذاهب المتصوفة في الكلام ومنهجهم في الرمز والإيماء، ولأنها تظهر لنا الشاعر الفتى وقد ملك ناصية الفن حقًّا، واستطاع أن يصرِّفه كما يشاء ويهوى، دون أن يجد منه مقاومة وامتناعًا ولأنها بعد هذا وذاك تكشف لنا عن براعة المتنبي لا في هذا النحو من التكلف الفني الذي كان مألوفًا في ذلك العصر والذي كان يعتمد قبل كل شيء على أوجه البديع! بل في تكلف آخر لم يكن مألوفًا إلا عند المتصوفة والباطنية الذين يقصدون بالألفاظ والمعاني غير ما يفهم منها أصحاب الظاهر من عامة الناس وخاصتهم"[3].
والحق أن هذه القصيدة تجعلنا نطلع على جانب مهم في تعبير المتنبي هو [1] اليتيمة 1/ 145 [2] تاريخ الفلسفة في الإسلام ص73. [3] مع المتنبي ص209.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 315