نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 304
اللغة الأصيلة، ويعود إلى الكوفة مع أبيه، وقد تفتحت ملكته الشعرية، ورأى أن يتجه إلى المديح، لعله يحظى بما كان يحظى به المادحون من أموال؛ فمدح أبا الفضل الكوفي، ولزمه، وكان من المتفلسفة، فدرس الفلسفة عليه[1]، ويظهر أنه كان في أبي الفضل نزعة قرمطية، لقنها المتنبي، ولقنه الآراء الفلسفية؛ مما كان له أثر واسع في تصوره للحياة؛ إذ بدت فيه منذ حداثته نزعة شديدة إلى التشاؤم والثورة على الدهر والناس. على أنه لم يلبث أن ترك الكوفة إلى بغداد سنة 316 فامتدح بها محمد بن عبيد الله العلوي، وفي ذلك ما يدل على اتصاله بالشيعة، كما امتدح متصوفًا يسمى هرون بن علي الأوارجي. كان له شأن في قصة الحلاج[2] واتصاله به ومديحه يدل على أنه لقنه مبادئ المتصوفة.
ونراه يرتحل إلى الشام فيمدح بعض شيوخ البدو وبعض الأشراف في طرابلس واللاذقية. وتظهر بين البدو حركة للقرامطة، فينضم إليها، ويأمل أن يحقق أحلامه السياسية، ويستجيب كثير من البدو إليه، وسرعان ما انقلب يدعو إلى نفسه حانقًا على ما صارت إليه الأمور في البلاد العربية؛ إذ أصبح زمام الحكم بيد الأعاجم، ولم يعد للعرب نفوذ ولا سلطان، يقول:
وإنما الناسُ بالملوكِ وما ... تفلحُ عُرْبٌ ملوكها عجمُ
غير أن ثورته لم تنجح، فقد قضى عليها لؤلؤ والي حمص، من قبل الإخشيدين وزجَّ به في السجن حوالي سنة 322 وظل فيه نحو عامين، ثم رُدَّت إليه حريته وإلى هذه الثورة يرجع لقبه المتنبي الذي اشتهر به[3]؛ ولكن هل تنبأ حقيقة؟ أكبر الظن أن هذه القصة وما اتصل بها من نثر يقال: إنه حاكى به القرآن[4] منتحلة عليه، وكأن من انتحلوها أرادوا أن يفسروا بها لقبه ويقول ابن جني: إنه لقب بذلك لقوله:
ما مقامي بأرض نَخْلة إلا ... كمقامِ المسيحِ بين اليهودِ [1] خزانة الأدب 382. [2] L. MASSIGNON, AL HALLAJ, MRTYR MYSTIQUE DE L;ISLAM, P. 240. [3] الصبح المنبي ص25، وتاريخ بغداد 4/ 104 وأنساب السمعاني ص506ب. [4] تاريخ بغداد 4/ 104.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 304