نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 141
[4]- ازدهار مذهب الصنعة:
لعل فيما قدمنا من حديث عن الشعر العربي في القرنين الثاني والثالث وعلاقاته الجديدة ما يوضح أن تأثيرات واسعة أخذت تؤثر في صورته؛ فقد كان أكثر من ينظمونه من الأجانب وخاصة من الفرس، وكانوا متحضرين تحضرًا أقبلوا فيه على كثير من فنون اللهو والمجون كما كانوا مثقفين ثقافة واسعة نوَّعت أفكارهم وخواطرهم وأججت عقولهم وأذهانهم، فانطلقوا يعبرون بالشعر عما أصابوا من كنوز المعرفة، ويصورون ما يجول في نفوسهم من نزعات
إن الشباب والفراغ والجِدَه ... مفسدة للمرء أي مفسده1
وأكبر الظن أن في ذلك كله ما يوضح أن العلاقة كانت وثيقة بين الشعر والثقافات الدخيلة؛ فقد تحول إلى جوانب منها ينظمها كالفلك، وأيضًا فإن الشعراء نظموا تاريخ الأمم الخالية[2]، ولا نشك في أن أرجوزة أبي العتاهية لم تكن أمثالها كلها من صُنعِه، وأنه استقاها من أمثال الفرس والهند واليونان أو على الأقل استقى كثيرًا من جوانبها. وكم تلقانا إشارات في كتب الأدب لما كانوا ينظمون من معاني اليونان[3] وغيرهم[4]. ولا نبالغ إذا قلنا إن منهم من كان يحسن من التفلسف ما يحسنه من الشعر، ولسنا نقصد النظام وأضرابه من المتكلمين؛ وإنما نقصد الشعراء أنفسهم من مثل صالح بن عبد القدوس وأبي العتاهية، ومن لا يبلغ مبلغهما من التفلسف كان يأخذ بأطراف منه إن لم يكن مباشرة فعن طريق المتكلمين، كما رأينا عند بشار وأبي نواس.
1 انظر في هذه المزدوجة الأغاني 4/ 36. والحدة: الغنى. [2] الحيوان 6/ 149. [3] الأغاني 4/ 43 وما بعدها؛ حيث روى أبو الفرج مرثية لأبي العتاهية استمدها من أقوال الفلاسفة حين حضر واتابوت الإسكندر المقدوني وقد هيئ ليدفن. وانظر البيان والتبيين 1/ 407. [4] انظر على سبيل المثال عيون الأخبار3/ 6 حيث يروي حكمة هندية نظمها العتابي.
وراجع زهر الآداب 1/ 90 حيث يذكر عن محمود الوراق أنه كان كثيرًا ما ينقل أخبار الماضين وحكم المتقدمين فيحلي بها نظامه ويزين بها كلامه.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 141