responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العيون الغامزة على خبايا الرامزة نویسنده : البَدْر الدَّماميني    جلد : 1  صفحه : 83
فقد عُلم أن سكون الرويّ المقيد لا يسمى عندهم مجرى، وإن كان سيبويه قد قال هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربية وهي تجري على ثمانية مجار فلم يقصر المجاري هنا على الحركات فقط كما قصر العروضيون المجرى في القافية على حركة الروى دون سكوته، وإنما فعل العروضيون ذلك لأنهم إنما يسمون ما يُستخرج منه علم ويتفرع عليه حكم، والحركة يتفرع عليها النظر في الإفواء والوصل والتعدي وغير ذلك، بخلاف السكون. وقال أبو الفتح: هو مفعل من الجريان لأنه مبدأ الوصل ومنبعه، ألا ترى أنك إذا قلت:
قتيلان لم يعلم لنا الناسُ مصرعا
ففتحة العين هي ابتداء جريان الصوت في الألف. وكذلك فقولك:
يا دار ميّة بالعلياء فالسند
تجد الكسرة هي ابتداء جريان الصوت في الياء. وكذلك قولك:
هريرةُ ودعها وإنْ لام لائمُ
تجد ضمة الميم منها ابتداء جريان الصوت في الواو.
وقوله ((فإنْ قرنا بما يداني فذا الإكفاء والإقواء)) ضمير الاثنين من قوله فإن قرنا عائد إلى الروي وتحريكه، وحرف الجر من قوله ((بما)) متعلق بالفعل، ((وما)) إما موصولة أو موصوفةٌ، والجملة من قوله ((يدانى)) إما صلة فلا محلَّ لها وإما صفة فمحلها الجر. وعلى كل حال ففي كلام الناظم العيب المسمى بالتضمين كما ستعرفه، والفاء رابطة جواب الشرط، والجملة الإسمية بعدها هي الجواب، واسم الإشارة راجع إلى المصدر المفهوم من الفعل، أي فهذا لقران هو الإكفاء والإقواء. والإكفاء راجعٌ إلى اختلاف نفس الروي، والإقواء راجع إلى اختلاف مجراه، على طريق اللف والنشر المركب والمعنى أن حرف الروي متى قُرن بحرف آخر مخالف له، إلا أنه قريب منه في المخرج، فهذا هو الإكفاء. والمجرى وهو تحريك الروي متى قُرن بحركة أخرى مخالفة لما قبلها، إلا أنها قريبة منه، فهذا هو الإقواء. والإكفاء كقوله:
بُنيّ إنّ البرَ شيءٌ هيّنٌ ... المنطق اللين والطّعين
فجمع بين النون والميم وهما متقاربان في المخرج وكقوله:
يا ابن الزُّبير طالما عصيتا ... وطالما عنيتنا إليكا
فجمع بين التاء والكاف، وهما كذلك متقاربان في المخرج. والإقواء كقوله:
سقط النصيفُ ولم ترد اسقاطه ... فتناولته وأتقتنا باليد
بمخضبٍ رخصٍ كأن بنانه ... علمٌ يكادُ من اللطافة يعقدُ
وقوله ((وبعده الإجازة والإصراف)) يعني فإن قورن حرف الروي بما هو بعيد منه في المخرج فذلك هو الإجازة وإن قورن المجرى وهو تحريك الروي بما هو بعيد منه وهو الفتحة مع الضمة أو مع الكسرة فذلك هو الإصراف ففيه أيضاً لف ونشر مرتب. فالإجازة كقوله:
خليليّ سيرا واتركا الرحلَ إنني ... بمهلكةٍ والعافيات تدورُ
فبيناه يشرى رحله قال قائلٌ ... لمن جملٌ رخوُ الملاط نجيب
فجمع بين الراء والباء وبينهما تباعد في المخرج. والإصراف أنشد منه قدامى في كتاب النقد له:
عرينٌ من عرينةَ ليس منا ... برئت إلى عرينة من عرينِ
عرفنا جعفراً وبني عبيدٍ ... وأنكرنا زعانف آخرينَ
وأنشد ابن الأعرابي منه:
لا تنكحنَّ عجوزاً أو مطلقةً ... ولا يسوقنها في حبلك القدر
وإن أتوك وقالوا إنها نَصَفٌ ... فإن أطيب نصفيها الذي غبرَ
وقوله ((والكل متّقى)) يعني أن جميع ما ذكره من الإكفاء والإقواء والإجازة والإصراف عيوب تتقى ويجب اجتنابها وعدم الوقوع فيها. وفي نسخة الشريف: ((والكل منتعى)) من النعي. ومعناه قرب من الأول، أي والجميع معيب من قولك ((نعيت على فلان فعله)) إذا عبته. ومراتب هذه العيوب متفاوتة، فاإجازة أشد عيباً من الإكفاء والإسراف أشد عيباً من الإقواء، ولعل في قول الناظم ((يدان)) ((ويعده)) إشارة لذلك. والإكفاء مأخوذ من الإنكفاء وهو الإنقلاب، لأن الشاعر ينقلب بالروي عن طريقه. والإقواء من قوله: أقوى الرَّبْعُ إذا عفى وتغير وخلى من سكانه، فكذلك الروي تغيرت جيرته وخلا من حركته. والإجازة بالزاي من التجوز، وعامة الكوفيين يسمونه الإجارة، بالراء، من الجور والتعدي. والإصراف من صرف الشيء عن طريقه، ويسمى أيضاً إسرافاً من السرف وفي ذلك اختلاف والله أعلم. قال:
فوصلاً بها لينٍ وهاءَ النفاذُ والخروج بذي لينٍ لها الوصلُ قد قفا

نام کتاب : العيون الغامزة على خبايا الرامزة نویسنده : البَدْر الدَّماميني    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست