نام کتاب : العمدة في محاسن الشعر وآدابه نویسنده : القيرواني، ابن رشيق جلد : 1 صفحه : 296
فهذا والله هو النقد العجيب الذي غفل الناس عنه، بل عموا وصموا. والبيت لمحمد بن عبد الملك الزيات، ويروي لماني الموسوس. ومثله قول أبي تمام:
ومسافة كمسافة الهجر ارتقى ... في صدر باقي الحب والبرحاء
وأنشد الرماني لذي الرمة:
كأنه كوكب في إثر عفريت ... مسوم في سواد الليل منقضب
ثم قال: قد اجتمع الثور والكوكب في السرعة إلا أن انقضاض الكوكب أسرع، واستدل بهذا على جودة التشبيه.
وأنا أرى أن فيه دركاً على الشاعر، وإغفالاً من الشيخ المفسر، وذلك أن الثور مطلوب، والكوكب طالب، فشبهه به في السرعة والبياض، ولو شبهه بالعفريت وشبه الكلب وراءه بالكوكب لكان أحسن وأوضح، لكنه لم يتمكن له المعنى الذي أراده من فوت الثور الذي شبه به راحلته؛ وأما ما أغفله الشيخ فإن الشاعر إنما رغب في تشبيه الثور بالكوكب، واحتمل عكس التشبيه: بأن جعل المطلوب طالباً لبياضه فإن الثور لهق لا محالة؛ وأما السرعة التي زعم فإن العفريت لو وصفه به وشبهه بسرعته لما كان مقصراً، ولا متوسطاً، بل فوق ذلك.
ومن التشبيهات عقم لم يسبق أصحابها إليها، ولا تعدى أحد بعدهم عليها، واشتقاقها فيما ذكر من الريح العقيم، وهي التي لا تلقح شجرة ولا تنتج ثمرة، نحو قول عنترة العبسي يصف ذباب الروض:
وخلا الذباب بها فليس بارحٍ ... غرداً كفعل الشارب المترنم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم
وقوله أيضاً في صفة الغراب:
نام کتاب : العمدة في محاسن الشعر وآدابه نویسنده : القيرواني، ابن رشيق جلد : 1 صفحه : 296