نام کتاب : العمدة في محاسن الشعر وآدابه نویسنده : القيرواني، ابن رشيق جلد : 1 صفحه : 225
وللشعراء مذاهب في افتتاح القصائد بالنسيب؛ لما فيه من عطف القلوب، واستدعاء القبول بحسب ما في الطباع من حب الغزل، والميل إلى اللهو والنساء، وإن ذلك استدراج إلى ما بعده.
ومقاصد الناس تختلف: فطريق أهل البادية ذكر الرحيل والانتقال، وتوقع البين، والإشفاق منه، وصفة الطلول والحمول، والتشوق بحنين الإبل ولمع البروق ومر النسيم، وذكر المياه التي يلتقون عليها والرياض التي يحلون بها من خزامى، وأقحوان، وبهار، وحنوة، وظيان، وعرار، وما أشبهها من زهر البرية الذي تعرفه العرب. وتنبته الصحاري والجبال وما يلوح لهم من النيران في الناحية التي بها أحبابهم، ولا يعدون النساء إذا تغزلوا ونسبوا، فإذا وقع مثل قول طرفة:
وفي الحي أحوى ينفض المردشادن ... مظاهر سمطى لؤلؤ وزبرجد
فإنما هو كناية بالغزل عن المرأة.
وأهل الحاضرة يأتي أكثر تغزلهم في ذكر الصدود، والهجران، والواشين، والرقباء، ومنعة الحرس والأبواب، وفي ذكر الشراب والندامى، والورد والنسرين والنيلوفر، وما شاكل ذلك من النواوير البلدية، والرياحين البستانية، وفي تشبيه التفاح والتحية به، ودس الكتب، وما شاكل ذلك مما هم به منفردون.. وقد ذكروا الغلمان تصريحاً، ويذكرون النساء أيضاً: منهم من سلك في ذلك مسلك الشعراء اقتداء بهم، واتباعاً لما ألفته طباع الناس معهم، كما يذكر أحدهم الإبل، ويصف المفاوز على العادة المعتادة، ولعله لم يركب جملاً قط، ولا رأى ما وراء الجبانة، ومنهم من يكون قوله في النساء اعتقاداً منه، وإن ذكر فجرياً على عادة المحدثين وسلوكاً لطريقتهم؛ لئلا يخرج عن سلك أصحابه، ويدخل في غير سلكه وبابه، أو كناية بالشخص عن الشخص لرقته، أو حب رشاقته.. وهذا مما لا يطلب عليه شاهد لكثرته، إلا أني أتلمح في هذا المكان بقول أبي نواس:
نام کتاب : العمدة في محاسن الشعر وآدابه نویسنده : القيرواني، ابن رشيق جلد : 1 صفحه : 225