نام کتاب : العمدة في محاسن الشعر وآدابه نویسنده : القيرواني، ابن رشيق جلد : 1 صفحه : 221
كأنها حين تناءى خطوها ... أخنس مطوى الشوى يرعى القلل
فالعيب الأول في مخالفة العادة لازم له، ومع ذلك قوله " حين تناءى خطوها " مقصر بها، وهو يقدر أن يقول " حين تدانى خطوها " وخالف جميع الشعراء بذلك؛ لأنهم إنما يصفون الناقة بالظليم والحمار والثور بعد الكلال غلواً في الوصف ومبالغة، هذا هو الجيد، فإن لم يفعلوا لم يذكروا أنها بذلت جهدها، واستفرغت جميع ما عندها، بل يدعون التأويل محتملاً للزيادة، ثم قال " يرعى القلل " والثور لا يرعى قلل الجبال، وإنما ذلك الوعل؛ فإنه لا يسهل، والثور في السهول والدماث ومواضع الرمال، إلا أن يريد قلل النبات أي أعاليه، فربما أن تكون القلل نبتاً بعينه أو مكاناً فقد يمكن، وما سمعت بهما.
ومن الشعراء من يقطع المصراع الثاني من الأول إذا ابتدأ شعراً، وأكثر ما يقع ذلك في النسيب، كأنه يدل بذلك على وله وشدة حال، كقول أبي الطيب:
جللاً كما بي فليك التبريح ... أغذاء ذا الرشا الأغن الشيح؟
فهذا اعتذار من اعتذر له، ولو وقع مثل هذا في الرثاء والتفجع لكان موضعه أيضاً، وكذلك عند العظائم من الأمور والنوازل الشديدة.
وليحترس مما تناله فيه بادرة، أو يقع عليه مطعن؛ فإن أبا تمام امتدح أبا دلف بحضرة من كان يكرهه، فافتتح ينشد قصيدته المشهورة: على مثلها من أربع وملاعب وكانت فيه حبسة شديدة فقال الرجل: " لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " فدهش أبو تمام حتى تبين ذلك عليه، على أنه غير مأخوذ بما قيل،
نام کتاب : العمدة في محاسن الشعر وآدابه نویسنده : القيرواني، ابن رشيق جلد : 1 صفحه : 221