نام کتاب : العقد المفصل نویسنده : الحلي، حيدر جلد : 1 صفحه : 210
وكان حضرة سيّدنا المؤيّد، بعناية الواحد الصمد، الميرزا جعفر نجل علم الملّة والشريعة السيّد مهدي القزويني دام علاه قد سافر من الحلّة الفيحاء إلى المرقد المقدّس لزيارة سيّد الشهداء، وكذلك الماجد الحاج محمّد حسن قد قدم من الزوراء للزيارة فضمّهما معاً مجلس المؤانسة والمفاكهة فعزم الحاج محمّد حسن على حضرة سيّدنا أن يشرّف إلى بغداد ويتشرّف بزيارة الكاظمين عليهما السلام فوعده بذلك بعد رجوعه إلى الحلّة فكتب إليه بعد ذلك يتشوّق إليه ويتقاضاه ذلك الوعد الذي سبق منه، والكتاب هذا:
لوعة الوجد أحرقت أحشائي ... وفؤادي في الحلّة الفيحاء
خامرتني الأشواق في مجلس الذ ... كر فكان السهاد من ندمائي
أنا لم أصف للهنا بهواء ... مذ تنائيتم ولا عذب ماء
ومحال صفاء دجلة مالم ... يجر ماء الفرات في الزوراء
بك يا حلية المعاني ومعنى ... رقّة الماء راق معنى الهواء
فعليك السلام ما سجع الورق ... سحيراً في بانة الجرعاء
من موّق إلى على علوي ... جاز هام السماك والجوزاء
ذاك من علم البحر التيّار، بصغرى أنملته، إن يجود بدرر الرائقه، وأعار الرند والعرار، من طيب نفحته، ما عطر الأرجاء بنسمته الفايق، هضبته الحلم الراسخ الرزين، وعيبة العلم الموروث عن الأنزع البطين، من تسنّم ذروة الزعامة من هاشم، ونشر بالرياسة أعلامه على قبيلة المكارم، معنى أبهة الشرف، وحياة روح الكمال والظرف، نيّر أفق المجد الأزهر، حضرة مولانا وعمادنا الميرزا جعفر، لا برح سنا هالة عليائه، متشعشعا بمطالع آفاق سمائه، ما اهتدت لمناهج السرى حداة الأظعان، بأنجم فضله السيّارة، وبلت بنوء الوجد أزهار الثرى من دم دمعتها الهتان، إذ رشقتها الأحداق بألحاظها السحّارة.
آمين آمين لا أرضى بوادحة ... حتّى أضيف إليه ألف آمينا
أمّا بعد؛ ومن طرز حلّة البراعة، من أفلاك نهاك بأنجم النثرة نظماً ونثراً، ورفع ببنانك اليراعه، في محفوظ لوح حجاك على هام المجرّة شرفاً وقدراً، لأليف شوق مخامر، ألحّ على الصب بزفراته، وحليف نوق مسامر، برح بالقلب بجمراته.
فسل دراي الأُفق عن محاجري ... هل غير بعد نورها أرقّها
وسل مغاني الكرخ عن مدامعي ... هل غير قاني مزنها أغرقها
تلك مغان لم تزل مزهرة ... لو لم يكن حرُّ الجوى أحرقها
وسل حمامات تئنّ لوعة ... في الدوح بالهدبل من أنطقها
ومن غداة راعني يوم النوى ... بذائب من الحشا أطوقها
وإنّي لأسئل من نشر أشعّة فضائلك على سائر الأرجاء، وكسا الكون من نشر عوارفك وفواضلك حلل الشرف والعلياء، أن يعيد الزوراء بزورة بدر المجد باسمة الثغور، ويسعف المتّسمين بالولاء بإنجاز سالف الوعد فيطوّقهم بالحبور، وأسألك أيّها الراقي من ثريّا الفخار بسلّم محامده مناطها، والغائص في عيلم علمه الزخّار ليلتقط درر فوائده فأحسن التقاطها، أن ينوب عن الداعي بلثم أنامل مولانا العماد، وينهي أكمل ثنائه إلى القادة الأمجاد، وأن لا ينسي المحب وحاشا كرائم عاداته، من مستجاب دعواته.
فأجابه السيّد المذكور الميرزا جعفر عن رسالته هذه بقوله:
أرج معاهد من معاهد الزوراء ... نشره فاح في حمى الفيحاء
أم عروس زفّت من الكرخ تمشي ... لي على الدل لا على استحياء
ونجوم من الرصافة ألبسن ... حمى بابل برود ضياء
أم سطور بها حباني حبيب ... هو من مهجتي قريب نائي
لسكرتني ألفاظها ومعاني ... ها فقل في الكؤس والصهباء
وسبتني صدورها وقوافي ... ها فقل في المشوق والحسناء
هيجت لي شوقاً بها كان قدماً ... كامناً في ضمائر الأحشاء
لفتىً ينتمي إذا انتسب النا ... س فخاراً لأكرم الآباء
نام کتاب : العقد المفصل نویسنده : الحلي، حيدر جلد : 1 صفحه : 210