نام کتاب : العقد المفصل نویسنده : الحلي، حيدر جلد : 1 صفحه : 148
أهون بأحداث الزمان وإن تكن ... لعظيم أبطال الأنام تبير
قد جائته في الرضاع وقلبها ... فزعاً بجنح الرعب منه يطير
هي لم تهبه لقوّة فيه وهل ... من قوّة للطفل وهو صغير
لكنّها نظرت مخائل للعلى ... فيه عظائم شأنهنّ كبير
غالته غصناً جذَّ في سيف الرّدى ... من دوحة العلياء وهو نضير
كانت ترجّيه لأنباها الورى ... إن فيهم خطب ألمّ كبير
فالآن قد قطع الرجا منه فمن ... لبنيهم في الحادثات يجير
مهلاً إذا سلم الأصول وخولست ... بعض الفروع فليس ذاك يضير
ولها محمّد صالح يبقى حمىً ... مادام باق في الزمان ثبير
المستجار بظلّه في حيث لا ... من رائعات الحادثات مجير
شهم إذا ما رمت تحصي وصفه ... لم يحصه المنظوم والمنثور
رفع المعالي وهو قطب سمائها ... فعليه أفلاك العلاء تدور
في الكرخ إن فتحت لطيمة مجده ... منها وراء النهر فاح عبير
وإذا انطوى فخر الكرام ففخره ... في الخافقين لوائه منشور
تدعى أنامله مجازاً أنملاً ... وحقيقة هي في العطاء بحور
ابني الأطائب كلّ فرد منكم ... بعظيم أجر الصابرين خبير
في الله تلتذّون فيما نابكم ... ولديكم الأمر الجليل حقير
ولكلّ ما تستصغرون مصابه ... فجزائه عند الإله كبير
فصل في الغزل
قلت فيه:
إنّ التي سكنت ضميري ... في حسنها سلبت شعوري
برشاقة القدّ الرطيب ... ولفتة الظبي الغرير
قد أرهفت من لحظها ... سيفاً ضريبته ضميري
قسماً بعامل قدّها ال ... خطّار يخطر في الحرير
ما أسكرتني خمرة ... لولاك يا عين المدير
وقلت أيضاً متغزّلاً:
مرّت بنا أمس تيميّة ... ساحبةً أردانها العاطره
آنسة الدل ترى وهي إن ... آنستها وحشيّه نافره
قد جذبت أحشائنا مذ غدت ... ترمقنا بالنظرة الفاتره
فانجذبت من شغف نحوها ... تسبق منّا الأرجل السائره
وعاد منّا كلُّ ذي صبوة ... وفي حشاه رجله عاثره
الفصل الخامس في الهجاء
قلت في ذلك:
ما أكثر النّاس إلاّ إنّهم بقرٌ ... تأتي المثالب أفواجاً إذا ذكروا
لو شام آدم بعضاً من فضائحهم ... لما أحبّ إليه تنسب البشر
الباب الحادي عشر: في قافية الزاء وفيها فصل في المديح قلت في مدحه هذه القطعة الباهرة:
ودار عُلىً لم يكن غيرها ... لدائرة الفخر من مركز
بها قد تضمّن صدر النّديّ ... قتىً ليديه الندى يعتزي
صليب الصفاة صليب القناة ... عود معاليه لم يغمز
أرى المدح يقصر عن شأوه ... فأطنب إذا شئت أو أوجز
فلست تحيط بوصف امرء ... نشا هو والمجد في حيّز
ربيب المكارم ترب السماح ... قرى المعتفي ثروة المعوز
فأيّ العوارف لم يبتدىء ... وأيّ المواعد لم ينجز
فتى في صريح العلى ليس فيه ... لكاشح علياه من مهمز
وذو هاجس أينما زجّه ... فما طلب الغيب بالمعجز
تراه خبيراً بلحن المقال ... بصيراً بتعمية الملغز
نسجن المكارم أبراده ... وقلن لأيدي الثنا طرّزي
ترى الدهر يحلب من كفّه ... لبون ندىً قطّ لم تغرز
فأمّا قولي فيها:
تراه خبيراً بلحن المقال ... بصيراً بتعمية الملغز
فقد اشتمل على ذكر اللحن والتعمية واللغز؛ فأمّا اللحن فهو الكناية عن الشيء والتعريف بذكره والعدول عن الإفصاح عنه، قال الله تعالى: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ القَوْلْ) . وقال الشاعر:
ولقد وحيت لكم ليكما تفطنوا ... ولحنت لحناً ليس بالمرتاب
وقال الآخر:
وحديث ألذّه وهو ممّا ... ينعت الناعتون يوزن وزنا
منطق صائب وتلحن أحيا ... ناً وخير الحديث ما جاء لحنا
وقيل: إنّ المعنيّ من اللحن في هذاالبيت هو الفطنة وسرعة الفهم على معنى ما روي عن النبي عليه السلام أنّه قال: لعلّ أحدكم أن يكون ألحن بحجّته، أي أفطن لها وأغوص عليها.
نام کتاب : العقد المفصل نویسنده : الحلي، حيدر جلد : 1 صفحه : 148