وزلت، واستبطرت وأكملت، فلو جنّ إنسان من الحسن جننت؛ فلم أتمالك أن خررت ساجدا فأطلت من غير تسبيح.
فقالت: ارفع رأسك غير مأجور؛ لا تذمّ بعدها برقعا، فلربما انكشف عما يصرف الكرى، ويحلّ القوى، ويطيل الجوى، من غير بلوغ إرادة، ولا درك طلبة، ولا قضاء وطّر؛ ليس إلا للحين المجلوب، والقدر المكتوب، والأهل المكذوب! فبقيت واللَّه معقول اللسان عن الجواب، حيران لا أهتدي لطريق، فالتفت إليّ صاحبي فقال: ما هذا الجهد بوجه برقت لك منه بارقة لا تدري ما تحته؟ أما سمعت قول ذي الرمّة:
على وجه ميّ مسحة من ملاحة ... وتحت الثياب العار لو كان باديا!
فقالت: أمّا ذهبت إليه فلا أبالك، واللَّه لأنا بقول الشاعر:
منعّمة حوراء يجري وشاحها ... على كشح مرتجّ الروادف أهضم «1»
لها أثر صاف وعين مريضة ... وأحسن إبهام وأحسن معصم
خزاعيّة الأطراف سعدية الحشا ... فزاريّة العينين طائيّة الفم
... أشبه من قولك الآخر، ثم رفعت ثيابها حتى بلغت بها نحرها. وجاوزت منكبيها، فإذا قضيب فضة قد أشرب ماء الذهب، يهتز مثل كثيب نقا، وصدر كالوذيلة «2» عليه كالرمانتين، وخصر لو رمت عقده لانعقد، منطوي الاندماج، على كفل رجراج، وسرّة مستديرة، يقصر فهمي عن بلوغ نعتها، من تحتها أرنب جاثم، جبهته أسد خادر، وفخذان مدملجان، وساقان خدلّجان «3» يخرسان الخلاخيل، وقدمان كأنهما لسانان.
ثم قالت: أعارا ترى لا أبالك؟
قلت: لا واللَّه، ولكن سبب القدر المتاح، ومقرّبي من الموت الذباح، يضيق على الضريح، ويتركني جسدا بغير روح!