يزيد بعد موت حبابة
: وحدث ابن الغاز قال: حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب قال: حدثنا الهيثم بن أبي بكر قال: كان يزيد بن عبد الملك كلفا بحبابة كلفا شديدا، فلما توفيت أكب عليها أياما يترشفها ويتشممها؛؛ ثم انتنت، فقام عنها وأمر بجهازها؛ ثم خرج بين يدي نعشها؛ حتى إذا بلغ القبر نزل فيه؛ حتى إذا فرغ من دفنها وانصرف لصق إليه مسلمة اخوه يعزيه ويؤنسه؛ فلما أكثر عليه قال: قاتل الله ابن أبي جمعة حيث يقول:
فإن تسل عنك النفس أو تدع الهوى ... فباليأس تسلو عنك لا بالتجلّد
وكلّ خليل زارني فهو قاتل ... من اجلك: هذه هامة اليوم أو غد «1»
قال: وطعن في جنازتها، فدفنّاه إلى سبعة عشر يوما. المعتصم وجارية
وذكر المعتصم جارية كانت غلبت عليه وهو بمصر، ولم يكن خرج بها معه؛ فدعا مغنيا له فقال له: ويحك! اني ذكرت جارية، فأقلقني الشوق إليها؛ فهات صوتا يشبه ما ذكرت لك. فأطرق مليا ثم غنى:
وددت من الشوق المبرّح أنني ... أعار جناحي طائر فأطير
فما لنعيم لست فيه بشاشة ... وما لسرور لست فيه سرور
وإنّ امرأ في بلدة نصف قلبه ... ونصف بأخرى غيرها لصبور
فقال: واد ما عدوت ما في نفسي! وأمر له بجائزة، ورحل من ساعته، فلما بلغ الفرما قال:
غريب في قرى مصر ... يقاسي الهمّ والسّدما «2»
لليلك كان بالميدا ... ن اقصر منه بالفرما