قال: فبينا أنا أتعجب وأسأل الله العافية، إذ دخل علينا شيخ من أهل مرو ونظر إلى العود فقال: أبا فلان، فررت من شيء ووقعت فيما هو شرّ منه؛ أما علمت أن الشمس والريح تأخذان من سائر الأشياء؟ أو ليس [قد] كان البارحة هذا العود عند إطفاء السراج أروى؛ وهو عند إسراجك الليلة أعطش؟ قد كنت أنا جاهلا مثلك زمانا، حتى وفقني الله إلى ما [هو] أرشد؛ اربط عافاك الله مكان العود إبرة كبيرة أو مسلة صغيرة؛ فإن الحديد أبقى، وهو مع ذلك غير نشاف؛ والعود والقصبة ربما تعلقت بهما العشرة من قطن الفتيلة فتشخص معها؛ وربما كان ذلك سببا لانطفائها! قال الخراساني: ألا وإنك لا تعلم أنك من المسرفين حتى تعمل بأعمال المصلحين. للجزامي
: قال الأصمعي: قال لي أبو محمد الجزامي، واسمه عبد الله بن كاسب، ونحن في العسكر؛ إن للشيب سهكة «1» وبياض الشعر الأسود هو موته، كما أن سواده حياته، ألا ترى أن موضع دبرة الحمار الأسود لا ينبت فيها إلا شعر أبيض، والناس لا يرضون منا في هذا العسكر إلا بالعناق والمشامّة والطيب غال ممتنع الجانب، فلست أرى شيئا هو أحسن بنا من اتخاذ مشط صندل؛ فإن ريحه طيّبة، والشعر سريع القبول [منه] ؛ وأقل ما تصنع أن ما ينفي سهك الشيب؛ حتى يكون حال لا لنا ولا علينا.
لابن أشرس
: وكان ثمامة بن أشرس يقول: إياكم وأعداء الخبز أن تأتدموا بها، واعلموا أن أعدي عدوّ له المملوك، فلولا أن الله أعان عليه بالماء لأهلك الحرث والنسل! وكان يقول: كلوا الباقلاء بقشره، فإن الباقلاة تقول: من أكلني بقشري فقد أكلني، ومن أكلني بغير قشري فقد أكلته!