أيها الناس، اتقوا السيوف بوجوهكم، والرماح بصدوركم، وموعدي وإياكم الراية الحمراء «1» .
فقال رجل من أهل العراق: ما رأيت كاليوم خطيبا يخطبنا، يأمرنا أن نتقي السيوف بوجوهنا، والرماح بصدورنا، ويعدنا راية بيننا وبينها مائة ألف سيف.
قال أبو عبيدة في التاج: جمع علي بن أبي طالب رياسة بكر كلها يوم صفين لحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة، وجعل ألويتها تحت لوائه، وكانت له راية سوداء يخفق ظلّها إذا أقبل، فلم يغن أحد في صفين غناءه؛ فقال فيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
لمن راية سوداء يخفق ظلّها ... إذا قيل قدّمها حضين تقدّما
يقدّمها في الصفّ حتى يزيرها ... حياض المنايا تقطر السّمّ والدّما
جزى الله عني والجزاء بكفه ... ربيعة خيرا، ما أعفّ وأكرما
وكان من همدان في صفين [بلاء] حسن، فقال فيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
لهمدان أخلاق ودين يزينهم ... وبأس إذا لاقوا وحسن كلام
فلو كنت بوّابا على باب جنّة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
أبو الحسن قال: كان عليّ بن أبي طالب يخرج كل غداة لصفين في سرعان الخيل «2» ، فيقف بين الصفين ثم ينادي: يا معاوية، علام يقتتل الناس؟ ابرز اليّ أو أبرز إليك، فيكون الأمر لمن غلب. فقال له عمرو بن العاص: أنصفك الرجل! فقال له معاوية: أردتها يا عمرو! والله لا رضيت عنك حتى تبارز عليّا. فبرز إليه متنكرا؛ فلما غشيه عليّ بالسيف رمى بنفسه إلى الأرض وأبدى له سوءته فضرب عليّ وجه فرسه وانصرف عنه؛ فجلس معه معاوية يوما فنظر إليه يضحك؛ فقال عمرو: