فكتب إليه معاوية:
سلام عليك: أما بعد، فلعمري لو بايعك الذين ذكرت وأنت بريء من دم عثمان، لكنت كأبي بكر وعمر وعثمان، ولكنك أغريت بدم عثمان [المهاجرين] وخذّلت [عنه] الأنصار، فأطاعك الجاهل وقوي بك الضعيف، وقد أبي أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين، وإنما كان الحجازيون هم الحكام على الناس والحقّ فيهم، فلما فارقوه كان الحكام على الناس أهل الشام، ولعمري ما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة، [لأن أهل البصرة أطاعوك ولم يطعك أهل الشام] ؛ ولا حجتك عليّ كحجتك على طلحة والزبير، لأنهما بايعاك ولم أبايعك أنا، فأما فضلك في الإسلام، وقرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلست أدفعه! فكتب إليه عليّ:
أما بعد، فقد أتانا كتابك، كتاب امريء ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده فاتبعه؛ زعمت أنك إنما أفسد عليك بيعتي خفوري «1» لعثمان ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين، أوردت كما أوردوا وأصدرت كما أصدروا؛ وما كان الله ليجمعهم على ضلالة، ولا ليضربهم بالعمى وما أمرت فلزمتني خطيئة الأمر، ولا قتلت فأخاف على نفسي قصاص القاتل.
وأما قولك إن أهل الشام هم حكام أهل الحجاز، فهات رجلا من أهل الشام يقبل في الشورى أو تحل له الخلافة، فإن سمّيت كذّبك المهاجرون والأنصار، ونحن نأتيك به من قريش الحجاز.
وأما قولك ادفع إليّ قتلة عثمان، فما أنت وذاك؟ وههنا بنو عثمان، وهم أولى بذلك منك، فإن زعمت أنك أقوى على طلب دم عثمان منهم فارجع إلى البيعة التي لزمتك وحاكم القوم إليّ.