وكتب عليّ بن أبي طالب إلى الأشعث بن قيس بعد الجمل، وكان واليا لعثمان على أذربيجان:
سلام عليك؛ أما بعد، فلولا هنات كنّ منك لكنت أنت المقدّم في هذا الأمر قبل الناس، ولعل أمرك يحمل بعضه بعضا إن اتقيت الله، وقد كان من بيعة الناس إياي ما قد بلغك، وقد كان طلحة والزبير أول من بايعني ثم نكثا بيعتي من غير حدث ولا سبب، وأخرجا أمّ المؤمنين فساروا إلى البصرة وسرت إليهم فيمن بايعني من المهاجرين والأنصار، فالتقينا فدعوتهم إلى أن يرجعوا إلى ما خرجوا منه فأبوا، فأبلغت في الدعاء وأحسنت في البقيا، وأمرت أن لا يذفّ «1» على جريح، ولا يتّبع منهزم، ولا يسلب قتيل، ومن ألقى سلاحه وأغلق بابه فهو آمن، واعلم أنّ عملك ليس لك بطعمة، إنما هو أمانة في عنقك، وهو مال من مال الله وأنت من خزّاني عليه حتى تؤدّيه إليّ إن شاء الله، ولا قوّة إلا بالله.
فلما بلغ الأشعث كتاب عليّ قام فقال:
أيها الناس؛ إنّ عثمان بن عفان ولأني أذربيجان، فهلك وقد بقيت في يدي؛ وقد بايع الناس عليّا، وطاعتنا له واجبة، وقد كان من أمره وأمر عدوه ما كان، وهو المأمون على ما غاب عن ذلك المجلس، ثم جلس.
قولهم في أصحاب الجمل
أبو بكر بن أبي شيبة قال: سئل عليّ عن أصحاب الجمل: أمشركون هم؟ قال:
من الشرك فرّوا. قال: فمنافقون هم؟ قال: إنّ المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا.
قال: فما هم؟ قال: إخواننا بغوا علينا! ومرّ علي بقتلي الجمل فقال: اللهم اغفر لنا ولهم. ومعه محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر؛ فقال أحدهما لصاحبه: أما تسمع ما يقول؟ قال: أسكت لا يزيدك.