العتبي عن أبيه: أن عتبة بن أبي سفيان قال: كنت مع معاوية في دار كندة، إذ أقبل الحسن والحسين ومحمد، بنو علي بن أبي طالب، فقلت: يا أمير المؤمنين إن لهؤلاء القوم أشعارا وأبشارا، وليس مثلهم كذب، وهم يزعمون أن أباهم كان يعلم. فقال:
إليك من صوتك فقد قرب القوم، فإذا قاموا فذكرني بالحديث، فلما قاموا قلت: يا أمير المؤمنين ما سألتك عنه من الحديث؟ قال: كل القوم كان يعلم وكان أبوهم من أعلمهم. ثم قال: قدمت على عمر بن الخطاب، فإني عنده إذ جاءه عليّ وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف فاستأذنوا، فأذن لهم، فدخلوا وهم يتدافعون ويضحكون، فلما رآهم عمر نكس «1» ، فعلموا أنه على حاجة، فقاموا كما دخلوا؛ فلما قاموا أتبعهم بصره فقال: فتنة أعوذ بالله من شرّهم، وقد كفاني الله شرهم! قال: ولم يكن عمر بالرجل يسأل عما لا يفسّر؛ فلما خرجت جعلت طريقي على عثمان؛ فحدثته الحديث وسألته الستر، قال: نعم، على شريطة. قلت: هي لك. قال:
تسمع ما أخبرك به وتسكت إذا سكتّ. قلت: نعم. قال: ستة يقدح بينهم زناد الفتنة، يجري الدم منهم على أربعة. قال: ثم سكت، وخرجت إلى الشام، فلما قدمت على عمر فحدث من أمره ما حدث- فلما مضت الشورى- ذكرت الحديث؛ فأتيت بيت عثمان وهو جالس وبيده قضيب فقلت: يا أبا عبد الله، تذكر الحديث الذي حدثتني؟ قال: فأزم «2» على القضيب عضّا؛ ثم أقلع عنه وقد أثر فيه، فقال: ويحك يا معاوية! أي شيء ذكرتني! لولا أن يقول الناس: خاف أن يؤخذ عليه، لخرجت إلى الناس منها! قال: فأبى قضاء الله إلا ما ترى.
ومما نقم الناس على عثمان: أنه آوى طريد رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص- ولم يؤوه أبو بكر ولا عمر- وأعطاه مائة ألف؛ وسيّر أبا ذرّ إلى الرّبذة، وسيّر عامر ابن عبد قيس من البصرة إلى الشام؛ وطلب منه عبد الله بن خالد بن أسيد صلة فأعطاه أربعمائة ألف؛ وتصدّق رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمهزون- موضع سوق المدينة- على