قطعت أبهري» ! وهذا مثل ما قال الله تعالى: ... ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ
»
والأبهر والوتين: عرقان في القلب إذا انقطع أحدهما مات صاحبه.
الزهري عن عروة عن عائشة قالت: اغتسل أبو بكر يوم الاثنين لسبع خلون من جمادي الآخرة، وكان يوما باردا، فحمّ خمسة عشر يوما لا يخرج إلى صلاة، وكان يأمر عمر أن يصلي بالناس؛ وتوفي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة من التاريخ؛ وغسلته امرأته أسماء بنت عميس وصلى عليه عمر بن الخطاب بين القبر والمنبر، وكبّر أربعا.
الزهري عن سعيد بن المسيب قال: لما توفي أبو بكر أقامت عليه عائشة النوح فبلغ ذلك عمر فنهاهنّ، فأبين فقال لهشام بن الوليد: أخرج إليّ بنت أبي قحافة.
فأخرج إليه أمّ فروة؛ فعلاها بالدّرّة «2» ضربا، فتفرّق النوائح.
وقالت عائشة وأبوها يغمض، رضي الله عنه:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ربيع اليتامى عصمة للأرامل
قالت عائشة: فنظر إليّ وقال: ذاك رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ثم أغمي عليه، فقالت:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر
فنظر إليّ كالغضبان وقال: قولي: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ
«3» . ثم قال: انظروا ملاءتين خلقين فاغسلوهما وكفّنوني فيهما؛ فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت.
عروة بن الزبير والقاسم بن محمد، قالا: أوصى أبو بكر عائشة أن يدفن إلى جنب رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فلما توفى حفر له وجعل رأسه بين كتفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ورأس عمر عند حقوي أبي بكر، وبقي في البيت موضع قبر؛ فلما حضرت الوفاة الحسن بن