لم نرزه لمّا رزينا وحده ... وإن استقلّ به المنون وحيدا «1»
لكن رزينا القاسم بن محمد ... في فضله والأسود بن يزيدا
وابن المبارك في الرّقائق مخبرا ... وابن المسيّب في الحديث سعيدا
والأخفشين فصاحة وبلاغة ... والأعشيين رواية ونشيدا
كان الوصيّ إذا أردت وصيّة ... والمستفاد إذا طلبت مفيدا
ولّى حفيظا في الأذمّة حافظا ... ومضى ودودا في الورى مودودا «2»
ما كان مثلي في الرّزيّة والد ... ظفرت يداه بمثله مولودا
حتى إذا بذّ السّوابق في العلا ... والعلم ضمّن شلوه ملحودا
يا من يفنّد في البكاء مولّها ... ما كان يسمع في البكا تفنيدا «3»
تأبى القلوب المستكينة للأسى ... من أن تكون حجارة وحديدا
إنّ الذي باد السّرور بموته ... ما كان حزني بعده ليبيدا
ألآن لما أن حويت مآثرا ... أعيت عدوّا في الورى وحسودا
ورأيت فيك من الصّلاح شمائلا ... ومن السّماح دلائلا وشهودا
أبكي عليك إذا الحمامة طرّبت ... وجه الصّباح وغرّدت تغريدا
لولا الحياء وأن أزنّ ببدعة ... مما يعدّده الورى تعديدا «4»
لجعلت يومك في المنائح مأتما ... وجعلت يومك في الموالد عيدا
وقلت فيه أيضا:
لا بيت يسكن إلّا فارق السّكنا ... ولا امتلا فرحا إلّا امتلا حزنا
لهفي على ميّت مات السرور به ... لو كان حيّا لأحيا الدين والسّننا
واها عليك أبا بكر مردّدة ... لو سكّنت ولها أو فتّرت شجنا
إذا ذكرتك يوما قلت وا حزنا ... وما يردّ عليك القول وا حزنا
يا سيّدي ومراح الروح في جسدي ... هلّا دنا الموت منّي حين منك دنا!