له: أعلم بكم أحد؟ قال: لا. قال: فارجع. قال: أو تخاف عليّ مكروها؟ قال: نعم وأن يؤتى بك. قال: فلا تخف؛ فإني لا أجرّد سيفا، ولا أخيف أحدا، ولا أقاتل إلا من قاتلني.
ثم مضى حتى نزل آسك وهو موضع دون خراسان، فمر به مال يحمل لابن زياد، وقد بلغ أصحابه أربعين رجلا، فحط ذلك المال، وأخذ منه عطاءه وأعطيات أصحابه، وردّ الباقي على المرسل، وقال: قولوا لصاحبكم إنما قبضنا أعطياتنا. فقال بعض أصحابه، فعلام ندع الباقي؟ فقال: إنهم يقسمون هذا الفيء كما يقيمون الصلاة، فلا نقاتلهم.
ولأبي بلال مرداس هذا أشعار في الخروج؛ منها قوله:
أبعد ابن وهب ذي النّزاهة والتّقى ... ومر ماض في تلك الحروب المالكا
أحبّ بقاء أو أرجّي سلامة ... وقد قتلوا زيد بن حصن ومالكا
فيا ربّ سلّم نيّتي وبصيرتي ... وهب لي البقا حتى ألاقي أولئكا
وقالوا إن رجلا من أصحاب زياد، قال: خرجنا من جيش نريد خراسان، فمررنا بآسك، فإذا نحن بمرداس وأصحابه وهم أربعون رجلا، فقال: أقاصدون لقتالنا أنتم؟ قلنا: لا، إنما نريد خراسان. قال: فأبلغوا من لقيتم أنا لم نخرج لنفسد في الأرض ولا لنروّع أحدا، ولكن هربنا من الضرر، ولسنا نقاتل إلا من يقاتلنا؛ ولا نأخذ من الفيء إلا أعطياتنا. ثم قال: أندب لنا أحد؟ فقلنا: نعم، أسلم بن زرعة الكلابي. قال: فمتى ترونه يصل إلينا؟ قلنا له: يوم كذا وكذا. فقال أبو بلال حسبنا الله ونعم الوكيل.
وندب عبيد الله بن زياد أسلم بن زرعة الكلابي، ووجّهه إليهم في ألفين، فلما صار إليهم صاح به أبو بلال: اتّق الله يا أسلم فإنا لا نريد قتالا ولا نحتجز مالا، فما الذي تريد؟ قال: أريد أن أردّكم إلى ابن زياد. قال: إذا يقتلنا. قال: وإن قتلكم. قال:
أفتشركه في دمائنا؟ قال: نعم، إنه محق وأنتم مبطلون. قال: أبو بلال: وكيف هو