ابن جناب (ابن أخيه) : إنّ الحىّ مقيم، فقال زهير: من هذا المخالف لى؟
قالوا: ابن أخيك، قال: فما أحد ينهاه؟! قالوا: لا، قال، أرانى قد خولفت، فدعا بالخمر فلم يزل يشربها صرفا حتى قتلته. وأمّا أبو براء (ملاعب الأسنّة) فإنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم كان وجّه عدّة من أصحابه إلى بنى عامر بن صعصعة فى خفارته، فسار إليهم عامر بن الطّفيل ابن أخيه، فلقيهم ببئر معونة فقتلهم، فدعا أبو براء بنى عامر إلى الوثوب بعامر، فلم يجيبوه، (فغضب) فدعا بالخمر فشربها صرفا حتى قتلته، وأمّا عمرو بن كثلوم فإنه أغار على بنى حنيفة باليمامة، فأسره يزيد بن عمرو الحنفىّ فشدّه وثاقا، ثم قال: ألست القائل:
متى تعقد قرينتنا بحبل ... نجذّ الحبل أو نقص القرينا [1]
أما إنى سأقرنك بناقتى هذه، ثم أطردكما جميعا (فأنظر أيّكما يجذّ) ! فنادى: يا آل ربيعة! أمثلة؟! فاجتمعت إليه بنو لجيم [2] فنهوه (عن ذلك) ، فانتهى به إلى حجر [3] فأنزله قصرا وسقاه، فلم يزل يشرب حتى مات [4] .
[1] من المعلقة 229 شرح التبريزى. القرينة؛ أصلها الناقة تكون فيها خشونة تشد إلى أخرى حتى تلين. نجذ: نقطع. نقص: من الوقص، وهو كسر العنق. يقول: متى نقرن إلى غيرنا، أى: متى نسابق قوما نسبقهم ومتى صابرنا قوما فى حرب صابرناهم حتى نقص من يقرن بنا. قاله التبريزى. وفى اللسان 17: 217: «قرينته: نفسه ههنا، يقول: إذا أقرنا لقرن غلبناه» . [2] بنو حنيفة: هم بنو حنيفة بن لجيم بن صعب بن على بن بكر بن وائل. [3] حجر، بفتح الحاء: مدينة اليمامة وأم قراها. [4] هكذا قال المؤلف، وهو شىء شاذ لم يرد عند غيره، فإن القصة فى الأغانى 9: 176- 177 وفيه أن يزيد «ضرب عليه قبة ونحر له وكساه وحمله على نجيبه وسقاه الخمر» وأن عمرو بن كلثوم لما أخذت الخمر برأسه تغنى بأبيات ذكرها. فهذا إكرام ينفى أنه مات فى الأسر. ثم قد ذكر فى الأغانى 178 خبر موته وقد أتت عليه 150 سنة وأنه جمع بنيه وأوصاهم. نعم: ذكر أبو حاتم فى المعمرين حادث زهير بن جناب ثم قال:
«وشربها أبو براء عامر بن مالك بن جعفر حين خولف صرفا حتى مات. وشربها عمرو ابن كلثوم التغلبى صرفا حتى مات. ولم يبلغنا أن أحدا من العرب فعل ذلك إلا