والردّ عليه وعلى نفسى.
بل أنا أخرج منذ بضع سنين، كتاب (المسند) للإمام أحمد بن حنبل، بتحقيقى وشرحى، وقد أخرجت منه إلى الآن 8 مجلدات [1] ، رأيت بعد إتمام المجلد الثانى منها أنه فاتنى شىء كثير، من الشرح والتخريج، ومن التحقيق والتعليل، وأنه ندت عنى أخطأء علمية مهمة، وأن مثل ذلك سيكون فى الأجزاء القادمة، مهما أحرص على أن لا يكون. وأن الأمانة أن أبين كل شىء ما استطعت. فاستحدثت فى آخر الجزء الثالث، ثم فى آخر كل جزء ظهر أو سيظهر إن شاء الله، بابا فى «الاستدراك والتعقيب» ، رجوت فى أوله إخوانى من علماء الحديث فى أقطار الأرض أن يرسلوا لى كل ما يجدون من ملاحظة أو استدراك أو تعقيب أو بحث. وجعلت لهذه الاستدراكات أرقاما متتابعة. وقد بلغ عدد الأحاديث التى نشرت فى المجلدات السبعة 5580 حديثا، وبلغ عدد الاستدراكات عليها، التى نشرت فى آخر المجلد الثامن 1789 استدراكا، كلها مما تعقبته على عملى ونقدته.
إن كثيرا من الناس تغرهم المناصب والرتب وتخدعهم الألقاب العلمية الضخمة. وما كان شىء من هذا ميزانا صحيحا للعلم. ولقد نقدت كثيرا من أمثال هؤلاء، فتعاظموا واستكبروا، فمنهم من أنف أن يرد على، ومنهم من سلط بعض أذنابه يشتمنى، فما عبأت بهذا ولا بهذا، لا استكبارا ولا تعاظما، ولكن لأنى طالب علم ورائد حقيقة، ولكن لأنى لم أضع نفسى فى مرازينهم قط.
ومثال آخر من أروع الأمثلة فى آداب المتقدمين من الأئمة:
هذا ابن حزم الإمام العظيم، وكل من سمع به يعرف قسوة قلمه، وبديع نقده، وطريف تشنيعه إذا ما بدا له أن يشنع على خصم. بحث بحثا فقهيا فى (المحلى) ، ليس من مجال القول هنا أن نفصله. فذكر فيه (6: 66- 74) مسألة استدل فيها بعض العلماء بحديث رواه ابن وهب عن جرير بن حازم عن أبى إسحق عن عاصم بن ضمرة والحرث الأعور عن على. ثم رد صحة الحديث بأن جرير بن [1] صارت الآن 15 مجلدا، وأسأل الله التوفيق لإتمامه. أحمد محمد شاكر.