وهذا البيت الآخر يدلّ على أنه قيل فى الإسلام، وهو شبيه بقول الله تبارك وتعالى وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ
[1] أو كان لبيد قبل إسلامه يؤمن بالبعث والحساب، ولعلّ البيت منحول [2] .
478* وممّا يستجاد له قوله:
فاقطع لبانة من تعرّض وصله ... ولخير واصل خلّة صرّامها [3]
يقول: اقطع لبانتك ممّن لم يستقم (لك) وصله، فإنّ أحسن الناس وصلا أحسنهم وضعا للقطيعة فى موضعها.
479* ويستجاد له قوله:
واكذب النّفس إذا حدّثتها ... إنّ صدق النّفس يزرى بالأمل
(يقول) : اكذب النفس أن تعدها الخبر وتمنّيها إيّاه، وإذا صدقها فقال لها مصيرك إلى الهلكة والزوال أزرى ذلك بأمله. ثم قال:
غير أنّ لا تكذبنها فى التّقى ... واخزها بالبرّ لله الأجل
قول «اخزها» : سسها [4] .
480* وممّا يعاب له من هذه القصيدة:
[1] الآية 10 من سورة العاديات. [2] أما انتحال البيت فلا دليل عليه. وقد استدل ابن عبد البر بالبيت على أن الشعر قاله بعد إسلامه، وتعقبه الحافظ فى الإصابة بالقصة المشهورة فى السيرة لعثمان بن مظعون مع لبيد لما أنشد قريشا هذه القصيدة بعينها. والصحيح ما رجحه الحافظ: دلالة البيت على أنه كان يؤمن بالبعث مثل غيره من عقلاء الجاهلية، كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو ابن نفيل.
[3] اللبانة: الحاجة من غير فاقة، ولكن من همه. تعرض وصله: دخله فساد، أو تعوج وزاغ ولم يستقم، كما يتعرض الرجل فى عروض الجبل يمينا وشمالا. الخلة: الصداقة المختصة التى ليس فيها خلل. والبيت من المعلقة شرح التبريزى 134، وهو فى اللسان 9: 31 و 15: 227. [4] البيتان فى اللسان 18: 247.