أكثر من ثلاثمائة سنة، فلما رآه النعمان قال: هلّا كان هذا لغيرك يا عبيد! أنشدنى فربما أعجبنى شعرك! فقال له عبيد: حال الجريض دون القريض [1] ، قال: أنشدنى
أقفر من أهله ملحوب
فأنشده عبيد:
أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبدى ولا يعيد [2]
فسأله: أىّ قتلة تختار؟ قال عبيد: اسقنى من الرّاح حتّى أثمل، ثم افصدنى الأكحل، ففعل ذلك به، ولطخ بدمه الغريّين.
قال أبو محمّد: الغريّان: طربالان [3] كان يلطخهما بدماء القتلى يوم بؤسه. (وكان بناهما على نديمين له، وهما خالد بن نضلة الفقعسىّ، وعمرو بن مسعود) وهو موضع معروف بالكوفة، يقال له الغريّان [4] .
457* وأجود شعره قصيدته التى يقول فيها:
أقفر من أهّلها ملحوب [5]
وهى إحدى السّبع [6] ، وفيها يقول:
وهو المنذر الأكبر اللخمى، وهو جد النعمان بن المنذر، على ذلك أكثر الروايات وأصحها فى المراجع التى أشرنا إليها، وقد حقق ذلك أيضا صاحب الخزانة، وفصل قصة الغريين 4: 509- 511. [1] الحريض: غصص الموت. القريض: الشعر.
[2] البيت فى اللسان 6: 422 والأساس 1: 25. [3] الطربال: كل بناء عال. [4] سميا «غريين» إما لحسنهما، وكل بناء حسن غرى، وإما لأنه كان يغريهما بدم من يقتله فى يوم بؤسه.
[5] البيت فى اللسان 1: 379 و 2: 176، 234 ووصفه بأنه «الشعر الذى كسر بعضه» يعنى أن عبيدا لم يقم وزنه كله، وهذا صحيح. ملحوب: موضع. والبيت أيضا فى البلدان 8: 148. والرواية هنا «من أهلها» شاذة. [6] هكذا قال المؤلف، وهو يريد، والله أعلم- أنها إحدى المعلقات. ولم يذكر أحد أنها منها غيره، وإنما ألحقها التبريزى بها فذكرها آخر القصائد العشر التى شرح. وأدخلها صاحب جمهرة أشعار العرب فى المجمهرات التى ذكرها بعد المعلقات 100- 102 والموضع جدير بالتحقيق. وهى أيضا فى الديوان 5- 11 ومنتهى الطلب 1: 131- 133.