وغدا سرابُ القاعِ بحرَ حقيقةٍ ... فكأنَّه لتيقنٍ لم يُخدعِ
مُتغطمطاً سلبَ الوحوش مكانها ... تيارهُ فالضبُّ جارُ الضفدعِ
أخذ البيت الأول من قول الأول وزاده:
دانٍ مسفٍّ فُويقَ الأرضِ هيدبهُ ... يكادُ يدفعه من قامَ بالراحِ
وقال أبو تمام:
كأنَّ السحابَ الغرَّ غنّينَ تحتها ... حنيناً فما ترقا لهنَّ مدامعُ
ربًى شفعتْ ريحُ الصبا لرياضها ... إلى الغيثِ حتّى جادَها وهو هامعُ
فوجه الضحى غدواً لهنَّ مضاحكٌ ... وجنبُ الندى ليلاً لهنَّ مضاجعُ
وقال ابن الحنفي في البرق:
أرقت لبرقٍ من دياركم عنَّا ... ألمَّ فكم أصبا فؤاداً وكم عنّى
بدا حاكياً تلك الثغور ابتسامه ... وعاد نحيلاً حاكياً جسميَ المضنى
وسلَّ كسيف الهند من غمد أفقه اخ ... تلاساً لقتل الغمض في مقلتي وهنا
فلو لم تحل من دونه دم عبرتي ... جعلتُ له جفني غراماً به جفنا
ولو قال: لقتل الغمض في مقلتي الوسنى، كان أجود وأكثر ملاءمة، وكأني به قد خاف أن يصف مقلته بأنها وسنى، وليت شعري لو أنها كذلك وإلا أي شيء كان يقتل البرق في جفنه، وفي قوله الغمض دليل على ما فرَّ منه.
وقال جابر بن رالان يصف ماء:
فيالهف نفسي كلما التحتُ لوحةً ... إلى شربةٍ من بعض أحواض مأربِ
بقايا نِطاف أودع الغيمُ صفوها ... مصقلة الأرجاء زرق المشاربِ
ترقرقَ ماءُ المزنِ فيهنّ والتقت ... عليهنَّ أنفاسُ الرياحِ الغرائبِ
وقال ابن المعتز:
ظللتُ بها أسقى سُلافة قهوةٍ ... بكفّ غزال ذي جفونٍ صوائدِ
على جدول ريّان لا يكتم القذى ... كأنَّ سواقيه متون المباردِ
ابن الرومي:
وماءٍ جلتْ عن حرِّ صفحتهِ القذى ... من الريحِ معطارُ الأصائلِ والبكرِ
به عبقٌ مما تُسحِّب فوقهُ ... نسيمُ الصبا تجري على الروضِ والزهرِ
ولأبي هلال العسكري يصف سفناً:
شققن بنا تيار بحر كأنَّه ... إذا ما جرتْ فيه السفينُ يعربدُ
ترى مسترق الماء منه كأنَّه ... سبيبٌ على الأرضِ الفضاءِ يُمدَّدُ
فطوراً تراهُ وهو سيفٌ مهنّدٌ ... وطوراً تراهُ وهو درعٌ مسرَّدُ
نصعَّدُ فيه وهو زورقٌ حمامه ... فنحسب أنَّا في السماء نصعّدُ
السري الرفاء:
ولا وصل إلاّ أنْ أروحَ مُلجّجاً ... بأدهمَ في تيارِ أخضرَ مُزبدِ
شوائلُ أذنابٍ يُخيّل أنها ... عقاربُ ذنبٍ فوقَ صرحٍ ممرَّدِ
وقال في المد وانقطاع الجسر ببغداد:
أحذركم أمواج دجلةَ إذ غدتْ ... مصندلةً بالمدِّ أمواجُ مائها
فظلّت صغارُ السفن ترقصُ وسطها ... كرقصِ بناتِ الزنجِ عند انتشائها
السلامي:
ونهرٌ تمرحُ الأمواجُ فيه ... مراحَ الخيلِ في رهجِ الغبارِ
إذا اصفرَّت عليه الشمسُ خِلنا ... نميرَ الماءِ يُمزجُ بالعقارِ
وقال أيضاً:
لم أنس دجلة والدجى متصوب ... والبدر في أفق السماء مغربُ
فكأنها منه رداء أزوق ... وكأنه فيها طرازٌ مذهب
وقال أيضاً:
لنا بركٌ مثل المرايا تريك ما ... تأخَّر في حافاتها وتقدَّما
إذا عبَّ فيها شاربُ الطيرِ خِلته ... يمدُّ إليه الفرخ جيداً ليُطعما وصف في الليل والنجوم
والمجرة والهلال والصبح والشمس وما يتعلق بذلك
قال مسكين الدارمي:
ومطوي أثناء اللسان بعثته ... يخالُ النعاس في مفاصله خمرا
بأرضٍ كساها الليلُ ثوباً كأنَّما ... كساها مُسوحاً أو طيالسةً خضرا
وقال محمد بن علي الفهمي:
والليل في ثوبٍ كأنَّ أديمه ... نفضتْ عليه سوادهنَّ جفونُ
مسودّة أقطاره فكأنَّه ... مطل تلاه نائل ممنونُ
والأرض شوهاء العراص كأنَّها ... صدٌّ إلى يوم النَّوى مقرونُ
والليلُ مكبوب عليه مطرقٌ ... ما يستفيقُ كأنَّه محزونُ
وقال علي بن الجهم:
كمْ قد تجهَّمني السُّرى وأزالني ... ليلٌ ينوءُ بصدرهِ متطاولُ
وهززتُ أعناقَ المطيَّ أسومها ... قصداً ويحجبُها السوادُ الشاملُ
حتّى تولَّى الليلُ ثانيَ عطفه ... وكأنَّ آخره خضابٌ ناصلُ