نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 6 صفحه : 291
هو فيه مزيد. فسبحان الله ما أقرب الحيّ من الميت باللحاق به، وما أبعد الميّت من الحيّ لانقطاعه عنه، وليس شيء بخير من الخير إلا ثوابه، وليس شيء بشرّ من الشرّ إلا عقابه، وكلّ شيء من الدنيا سماعه أعظم «1» من عيانه، وكلّ شيء من الآخرة عيانه أعظم «2» من سماعه. فليكفكم من السماع العيان، ومن الغيب الخبر. إنّ الذي أمرتم به أوسع مما نهيتم عنه، وما أحلّ لكم أكثر مما حرّم عليكم، فذروا ما قلّ لما كثر، وماضاق لما اتّسع. وقد تكفّل لكم بالرزق وأمركم بالعمل، فلا يكوننّ المضمون لكم طلبه أولى بكم من المفروض عليكم، مع أنه والله قد اعترض الشكّ ودخل اليقين، حتى كأنّ الذي ضمن لكم قد فرض عليكم، وكأنّ الذي فرض عليكم قد وضع عنكم. فبادروا العمل، وخافوا بغتة الأجل، فإنه لا يرجى من رجعة الحياة ما يرجى من رجعة الرّزق، فإنّ ما فات اليوم من الرّزق يرجى غدا ارتداده «3» ، وما فات أمس من العمر لم ترج اليوم رجعته.
[661]- خطب محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا بن الحسن بن الحسن بن عليّ الخارج مع أبي السرايا، فقال:- وكان أبو السرايا قد انتهب قصر العباس بن موسى بن عيسى- أما بعد، فإنّه لا يزال يبلغني أنّ القائل منكم يقول: إنّ بني العباس فيء لنا نخوض في دمائهم، ونرتع في أموالهم، ويقبل قولنا فيهم، وتصدّق دعوانا عليهم. حكم بلا علم وعزم بلا رويّة. عجبا لمن أطلق بذلك لسانه أو حدّث به نفسه. أبكتاب الله عزّ وجلّ أخذ، أم لسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلم اتبع؟ أو في ميلي معه طمع، أو بسط يدي له بالجور أمّل؟ هيهات هيهات، فاز ذو الحقّ بما نوى، وأخطأ طالب ما تمنّى، حقّ كلّ ذي حقّ في يده، وكل مدّع
[661] نثر الدر 1: 376 وجمهرة خطب العرب 3: 124.
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 6 صفحه : 291