نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 6 صفحه : 214
إلا كفرسي رهان، فأومأت إلى ظئري، فجلست حجرة منها ومنهنّ، وأقبلت على إخواني وقلت: لقد أحسن القائل: [من الطويل]
رمتني بسهم أقصد القلب وانثنت ... وقد غادرت جرحا به وندوبا
فأقبلت على صواحباتها وقالت: أحسن والله القائل، وأحسن من أجابه حيث يقول: [من الطويل]
بنا مثل ما تشكو فصبرا لعلّنا ... نرى فرجا يشفي السقام قريبا
فأمسكت عن الجواب خوفا من أن يظهر مني ما يفضحني وإيّاها، وعرفت ما أرادت. ثم تفرّق الناس وانصرفنا، وتبعتها ظئري حتى عرفت منزلها، وصارت إليّ. فأخذت بيدي ومضينا إليها، فلم تزل تتلطّف حتى وصلت إليها، فتلاقينا وتزاورنا على حال مخالسة ومراقبة، حتى شاع حديثي وحديثها، وظهر ما بيني وبينها، فحجبها أهلها، وتشدّد عليها أبوها، فما زلت أجتهد في لقائها فلا أقدر عليه، وشكوت إلى أبي حالي لشدّة ما نالني فيها، وسألته خطبتها لي، فمضى أبي ومشيخة أهلي إلى أبيها فخطبوها فقال: لو كان ذلك قبل أن يفضحها ويشهّر بها لأسعفته بما التمس، ولكنه قد فضحها، فلم أكن لأحقّق قول الناس فيها بتزويجه إيّاها، فانصرفت على يأس منها ومن نفسي. قال معبد:
فسألته أين تنزل؟ فخبرني، وصارت بيننا عشرة، ثم جلس جعفر بن يحيى للشرب، فكان أوّل صوت غنّيته صوتي في شعر هذا الفتى، فطرب طربا شديدا وقال: ويحك إنّ لهذا الصوت حديثا، فما هو؟ فحدثته خبر الصوت فأمر بإحضار الفتى فأحضر من وقته، واستعاده الحديث فأعاده عليه، فقال له: هي في ذمتي حتى أزوّجك إيّاها، فطابت نفسه وأقام معنا ليلتنا حتى أصبح؛ وغدا جعفر إلى الرشيد، فحدّثه الحديث فتعجب منه، وأمر بإحضارنا جميعا فأحضرنا، وأمر بأن أغنّيه الصوت فغنّيته، فشرب عليه وسمع حديث الفتى،
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 6 صفحه : 214